ذدà،±ل>‏ے ‏ےےے€ےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےے‎ےےے‏ےےے‏ےےے   !"#$%&'()*+,-./0123456789:;<=>?@ABCDEFGHIJKLMNOPQRSTUVWXYZ[\]^_`abcdefghijklmnopqrstuvwxyz{|}~پRoot Entryےےےےےےےے ہFہ •Oد)؟ً€WordDocumentےےےےےےےے ×CompObjےےےےےےےےےےےے^ےےےےےےےےےےےے‏ےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےــوه لو استطاعوا. ولا هـو بالكتــاب الذى يستطيع البشر أن يكتبوه لو أحبوا" (لويس شيفر) أولى أساسيات الإِيمان المسيحى التى سندرسها هى حقيقة "وحى الكتاب المقدس" ذلك لأننا سوف نعتمد عند توضيح الحقيقتين الأخريين على الكتاب المقدس. بل إن كل الحقائق المسيحية التى نتمسك بها عرفناها من هذا الكتاب. فهى ليست من نتاج العقل، ولاعرفها الإِنسان بالتخمين، بل هى «إيمان ثمين» (2 بطرس 1 : 1)، «مُسَلَم مرة للقديسين» (يهوذا 3). أى تسلمه القديسون من الكتاب المقدس. لذا هيا بنا نبدأ الحديث بهذا الموضوع العظيم : الكتاب المقدس كلمة اللـه ماذا يقول الكتاب المقدس عن نفسه؟ إنه يؤكد بلا أدنى مواربة أنه وحى الله (2 تيموثاوس 3 : 16) والكلمة "وحى" فى اليونانية، اللغة التى بها كتب العهد الجديد، تعنى ذات أنفاس الله. فكما نفخ الله قديما فى آدم، فصار آدم نفساً حية (تكوين 2 : 7)، هكذا لأن الكتاب المقدس هو ذات نسمات الله، فهو كتاب حى كقول المسيح «الكلام الذى أكلمكم به هو روح وحياة» (يوحنا 6 : 63)، وكقول استفانوس عن موسى إنه «قبل (من الله) أقوالاً حية ليعطينا إياها» (أعمال 7 : 38). والذين قاموا بكتابة أسفار الكتاب المقدس هم أناس الله القديسون، كتبوه وهم مسوقون من الروح القدس (2بطرس 1 : 21). فكان ما كتبوه ليس هو كلامهم متضمنا أفكار الله، بل هو ذات كلمة الله «لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذى حدين» (عبرانيين 4 : 12). تؤكد أسفار الكتاب مرات بلا حصر أنها ذات أقوال الله. ففى أسفار موسى الخمسة يرد ما يفيد أن هذا هو كلام الرب إلى موسى، حوالى خمسمائة مرة. وفى كتب الأنبياء نحو 12 ألف إشارة أن أقوال الأنبياء هى كلام الرب نفسه. وفى العهد الجديد، نجد فى الأناجيل المقام السامى الذى أعطاه المسيح، طوال فترة وجوده هنا على الأرض، لأسفار الوحى. لقد قرر بكل وضوح أنه «لا يمكن أن يُنقض المكتوب» (يوحنا 10 : 35). وفى موعظة الجبل الشهيرة قال "الحق أقول لكم، إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس" (متى 5 : 18). وفى قصة الغنى ولعازر أوضح أن من لا يؤمن بما تقوله أسفار العهد القديم لن تنفع معه أعظم المعجزات، ولا حتى إن قام واحد من الأموات (لوقا 16 : 29 ـ 31). وعلى ذات الدرب سار من بعده الرسل الملهمون فاقتبسوا من أسفار العهد القديم بكل الهيبة والاحترام، واعتبروها مع أسفار العهد الجديد ذات أقوال الله (2بطرس 3 : 2، 15، 16). ضرورة وأهمية الوحى بعد دخول الخطية إلى العالم بسقوط آدم، أصبح الإنسان فى حاجة شديدة لإعلان يقدمه الله للإنسان، يقوده الله به لمعرفة ذاته ومعرفة طريق الخلاص. وهو ما عمله الله مع البشر فعلاً منذ البداية (تكوين 4 : 4، عبرانيين 11 : 4). وبدأت الشهادة الشفهية من تاريخ البشرية الباكر (تكوين 4 : 26). والله دعم تلك الشهادة الشفهية بأعمار الآباء الطويلة (تكوين 5). لكن لما تسربت الوثنية للبشر من جهة، ولما قصرت أيام الإنسان من الجهة الأخرى، أصبحت الحاجة ماسة إلى ما هو أكثر من الشهادة الشفهية. أصبحت الحاجة ماسة إلى فكر الله مكتوباً فى كتاب. ولقد كان موسى هو الإناء المستخدم من الله لإعلان قصر عمر الإنسان (مزمور 90 : 10) وكان هو نفسه الإناء المستخدم لكتابة الأسفار الأولى للكتاب المقدس. ثم أخذ هذا الكتاب ينمو جيلاً بعد جيل حتى اكتمل بآخر أسفار العهد الجديد، سفر الرؤيا. والواقع نحن لا يمكننا أن نتصور أن يترك الله البشرية تتخبط فى دياجير الظلام والجهل قروناً وعصوراً دون أن يعطيهم إعلاناً عن نفسه، يمكنهم بواسطته أن يتحكموا للخلاص (أعمال 14 : 17، 2تيموثاوس 3 : 15). وشكراً لله، الذى أعطانا كتابه، الكتاب المقدس الذى يحتوى على قسمين : العهد القديم، وكتب أصلاً باللغة العبرية، وهو يتكون من 39 سفراً، والعهد الجديد، وكتب أصلاً باليونانية، وهو يتكون من 27 سفراً. هذا هو كتاب الله الذى قال عنه الرئيس أبراهام لنكولن، محرر العبيد : إنه أسمى ما منحه الله للبشر. نعم أيوجد امتياز أعظم من أن تكون لدينا أخبار آتية مباشرة من الله نفسه ! فإذا كان الله قد أعطى البشر منذ القديم هذا الكتاب المقدس ـ وما كان يمكن إلا أن يكون كذلك ـ فهل كان ممكنا أن تقوى أيادى البشر الآثمة على يد الله القادرة حتى تعبث بهذا الكتاب وتغيٌر من محتوياته، أم أن الله استطاع عبر كل الأجيال أن يحافظ على كلمته التى أعطاها للإنسان، من التزوير والتلف والضياع؟! هذا ينقلنا إلى السؤال المهم التالى : هل أصاب كلمة اللـه التحريف أو التزوير ؟ هناك من يقول إن الكتاب المقدس بوضعه الذى بين أيدينا، ليس هو الكتاب الأصلى الموحى به، بل قد عبثت به الأيدى، وأجرت فيه التزوير والتبديل. لكن اتهامــاً خطيراً كهــذا، فى أمــر خطـير وجوهــرى كـهذا، لا يجـوز أن يُلقـى هكذا جزافاً، إذ أنه يتضمن هجــوماً علـى اللـه العظـيم، وقـدرته وحـكمته وإن مـن يـريد أن يوجــه للكتاب ولصـاحب الكتاب هذا الاتهــام الخطـير، عـليه تحـرى منتهـىـ¥e#ہ ٌŒ}×›z,ضl,ضlضض ض ھG(ضىضکضTîض؟×GTimes New Roman Symbol ArialTimes New RomanA¥.أ"Symbol" \s 10 \h الله واحد. ونوع هذه الوحدانية 45 SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h أقانيم اللاهوت : سمو هذه الحقيقة على العقل، وتطابقها مع المكتوب 47 SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h الثالوث الأقدس، وحل معضلة "كيف ثلاثة يساوى واحد؟" 51 ثانيا : المسيح ابن الله ماذا تظنون فى المسيح؟ 62 معنى بنوة المسيح 63 أدلة لاهوت المسيح SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h الأسماء الإلهية 67 SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h الصفات الإلهية 70 SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h الأعمال الإلهية 75 SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h الأمجاد الإلهية 76 SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h قيل عنه فى العهد الجديد نفس ما قيل عن يهوه فى العهد القديم 79 والآن، هلا زلت مرتابا؟ 81 الموضوع الثالث : كفارة المسيح ما هى الخطية؟ 85 معنى الكفارة 87 الكفارة فى الذبيحة 89 هل تصلح الأعمال للتكفير؟ 91 لماذا الذبائح الحيوانية؟ 94 من هو الفادى؟ 96 الدم 98 هل هذا تعليم منطقى؟ 102 حتمية الكفارة : SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h رد مجد الله 104 SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h ضمان بر الله 106 SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h إعلان محبة الله 107 مقدمة إننا نعيش زمناً تتعرض فيه أساسيات الإيمان المسيحى لهجوم مرير، يستخدم الشيطان فيه كل الأسلحة والوسائل. لذا شعرت بضرورة مُلِحّة لأن أتحدث بكلمات مبسطة عن أهم تلك الأساسيات: الكتاب، الله، الصليب. أو بكلمات أخرى: هل الكتاب المقدس الذى بين أيدينا هو فعلاً كلمة الله؟ وهل وصل إلينا خالياً من أى تزوير أوتحريف؟ ثم ما هو الإيمان المسيحى فيما يتعلق بالله ووحدانيتة؟ وبالمسيح ولاهوته؟ وثالثا : ماذا عن كفارة المسيح التى هي حجر الزاوية فى موضوع الخلاص فى الإيمان المسيحى؟ أتُرى توجد قضية أدعى للبحث من قضية وحى الكتاب المقدس؟ إن الحقائق التى نتمسك بها ليست من نتاج العقل، ولا عرفها الإِنسان بالتخمين، بل حصلنا عليها من هذا الكتاب. لذا فمن الأهمية بمكان أن نتوقف فى البداية لنرى هل «هذا الكتاب» هو فعلاً الصخرة التي يمكننا أن نبنى عليها إيماننا؟ أما الحديث عن الله فهو بلا أدنى شك أقدس وأجل موضوع للحديث. ويقينا فإن أكثر الأشياء أهمية للإنسان هو ما يؤمن به الإنسان عن الله. فماذا يا ترى تقول المسيحية فى هذا الموضوع الأقدس والأجل؟ وأخيراً لا مِرَاء أن أهم موضوع ينبغى على العاقل، فى فترة الحياة القصيرة أن يبحثه بإخلاص، هو موضوع خلاص نفسه الأبدى ! هذه هى القضايا الثلاث التى يعرضها هذا الكتاب: إنه يعرض لنا أجدر قضية يلزم بحثها، وأقدس موضوع يمكن مناقشته، وأهم حقيقة يجب معرفتها - إنها إذاً الحقائق الأجدر والأقدس والأهم ! ولعل القارئ يشاركنى الشعور أن هذه القضايا تحتاج لأن يُفرد لها المجلدات العديدة والضخمة لكي يمكن أن نفى كل حقيقة حقها. لكننى قصدت بمعونة الرب أن أقدم هذه الحقائق العظيمة بصورة موجزة، دون أن يخل الإيجاز بالمضمون، وبأسلوب مبسط خال من السطحية، ليمكن لكل من المتخصص وغير المتخصص على السواء أن يستفيد منها. ولقد كان نصب عينى وأنا أكتب هذا الكتاب، جمهور الشباب الحائر الذى تشوشت أفكاره فى هذه الأيام بفعل عدو النفوس، واهتزت الحقائق عنده. وإنى أرجو أن يجد فيه كل مخلِص ما يساعده فى هدايته، وأن يتمكن المؤمن بواسطته أن يقف على أرض صلبه راسخة، كيما يكون مستعداً - كقول الكتاب - لمجاوبة كل من يسأل عن سبب الرجاء الذى فينا، بوداعة وخوف (1بطرس 3 : 15). ولقد بنيت أقوالى على «ماذا يقول الكتاب؟» (رومية 4 : 3). فلم آت بذكر حقيقة، إلا وقرينها الشواهد والآيات الكتابية التى تؤيدها. لكننى قصدت أيضاً، من الناحية الأخرى، أن أقدم براهين عقلانية وأدلة حسية لتوضيح هذه الحقائق. ليس أن إعلانات الكتاب المقدس تحتاج إلى أدله محسوسة لتوكيدها، وإلى شىء من خارجها لتسندها، حاشا. لكن لأن الرب مستعد في غنى نعمته، متى فشل الإيمان، أن يدعو المتشكك - إذا توافر الإخلاص لديه - كما دعى قديماً تلميذه توما قائلاً له «هات إصبعك .. وأبصر .. وهات يدك.. ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً» (يوحنا 20 : 27). توسُلى إلى الله لأجل كل من يقرأ هذه الورقات، أن يجيب على الرب فوراً، بصرخة الإيمان المستعاد : «ربى وإلهى.» آمين يوسف رياض الاسكنـــدرية يونيو 1987 طبعة رابعة أكتوبر 1995 الموضوع الأول وحى الكتاب المقدس "الكتــاب المقدس ليس هو بالكتـــاب الذى يحـــب البشر أن يكتبــ الـدقة فيما هو فاعلـه. ويجـب أن يكـون قـادراً عـلى معرفة متى؟ ومن؟ وماذا؟ ولماذا؟ SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h متى تم التزوير؟ SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h من الذى قام بالتزوير؟ SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h ماذا كان قبل أن يتم تزويره؟ SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h ولماذا قام المزور بالتزوير؟ أولاً : متى تم التزوير؟ إنها معضلة ! لأن الكتاب المقدس كان قد تُرجم من بداية العصر المسيحى إلى لغات عديدة،* وانتشر ابتداء من القرن الثانى الميلادى بكثير من اللغات فى ربوع الأرض كلها، هذا بخلاف ترجمة العهد القديم إلى اليونانية (المعروفة بالترجمة السبعينية) التى تمت قبل الميلاد بنحو 280 سنة. فهل كان هناك من يستطيع أن يصل إلى كل النسخ الموجودة فى كل العالم، بكل تلك اللغات ليُحرفها جميعاً. ثم يصل أيضاً إلى المؤلفات والكتابات العديدة التى اقتبست من الكتاب المقدس ليُجرى فيها نفس التحريف؟! أليس هذا عين المستحيل؟! ثانياً : من الذى قام بالتزوير؟ بالنسبة لأسفار العهد القديم لا يُعقل أن يكون اليهود هم الذين زوروها. فبالإضافة إلى شهادة المؤرخين على غيرة اليهود الشديدة فى الاحتفاظ بالأسفار التى عندهم (وهو نفس ما تقوله عنهم كلمة الله ـ رومية 3 : 2)، فإنهم ـ لو كان التحريف أمراً وارداً عندهم ـ لحذفوا من التوراة الويلات الموجهة إليهم باعتبارهم شعب صلب الرقبة. ولبدلوا الأحداث التى تسيىء إلى أنبيائهم، بل ولكانوا استأصلوا من التوراة الآيات والنبوات التى تتحدث صراحة عن صلب المسيح وموته وقيامته، وما أكثرها (مثل مزمور 22، إشعياء 53، ...) لأن هذه الأقوال تسبب لهم مشاكل هم فى غنى عنها طالما كان مبدأ التحريف وارداً. كما لا يُعقل أن يكون المسيحيون هم الذين زوروها، لأنهم فى هذه الحالة كانوا سيصطدمون مع أعدائهم التقليديين (اليهود)، فالتوراة التى عندهم هى نفسها التى عند اليهود. أما بالنسبة لأسفار العهد الجديد، نقول إن الخلافات العقائدية والمذهبية بين الكنائس من أول عهدها كانت تقف مانعاً هائلاً إزاء محاولة أى فريق منهم القيام بهذه الفعلة الآثمة. ثالثاً : ماذا كان قبل أن تُجرى فيه عملية التزوير المزعومة؟ لقد اكتُشف عشرات الآلاف من المخطوطات القديمة للكتاب المقدس (كما سنوضح بعد قليل)، ولم يعثر أحد على نسخة واحدة مخالفة لما بين أيدينا. أليس هذا يدحض تماماً الزعم بتزوير الكتاب؟! ما قيمة تهمة واضح كذبها ولا يسندها دليل واحد؟! رابعاً : لماذا يحدث التزوير؟ إنه أمر معقول أن يزور الإنسان ليجنى من تزويره هذا مغنماً معيناً، أو لينجوا بواسطته من خطر معين. أما أن يكذب الإنسان وهو عالم أن كذبه وتزويره لن يعطياه تاجاً بل صليباً، لا نعيماً بل اضطهاداً، فهذا ما لا يقبله العقل.إن التاريخ يشهد أنه طوال القرون الثلاثة الأولى للمسيحية لم يكن نصيب من يتبع المسيح سوى الاضطهاد والموت. وهذا يبعد تماماً شبهة التزوير عن الرسل أو من عاصروهم من المسيحيين الأوائل. ثم إن الإنسان قد يكون مستعداً أن يموت دفاعاً عما يتوهم هو أنه حق، وليس دفاعاً عما يوقن أنه كذب.. قطعاً ما كان المسيحيون الأوائل سيضحون بحياتهم أو راحة بالهم فى سبيل هذا الكتاب، لو كان هذا الكتاب مجرد أكذوبة ! هذا يأتى بنا إلى مسألة هامة أعنى بها: المخطوطات القديمة دع الأرقام تتكلم : لا يوجد فى كل العالم كتاب يضارع الكتاب المقدس من حيث عدد المخطوطات القديمة المُكتشَفة له : فهناك نحو 5300 مخطوط يونانى قديم للعهد الجديد. بالإضافة إلى 10000 نسخة من الفولجاتا (الترجمة اللاتينية للكتاب المقدس). وما لا يقل عن 9300 من المخطوطات القديمة (بخمس عشرة لغة مختلفة)* أما الكتاب الذى يلى الكتاب المقدس من حيث عدد المخطوطات القديمة فهو الياذة الشاعر الاغريقى هوميروس. واكتشف لها فقط 643. فتصور الفارق الهائل بين 24600 وبين 643 وهو الفارق بين مخطوطات الكتاب المقدس ومخطوطات الكتاب التالى له مباشرة !! ولهذا فقد قال أحد العلماء إننا لو اعتبرنا الكتاب المقدس مجرد عمل أدبى قديم وأخضعنا مخطوطاته القديمة للبحث النقدى، فاننا باستخدام اختبارات ومعايير دقيقة متنوعة سيتضح لنا أن الكتاب المقدس هو أكثر الكتب فى العالم على الإطلاق مدعاة للثقة بنصوصه، بحيث أن الناقد الذى يطعن في صحة الكتاب الذى بين أيدينا لتشككه فى مخطوطاته، فإنه سيتحتم عليه، بناء على نفس المعايير التى استخدمها، أن يرفض كل الأعمال الأدبية القديمة الأخرى !. إن المخطوطات العبرية المكتشفة للعهد القديم تعد بالـمئات. والعجيب أن هذه النسخ اكتشفت فى أماكن متفرقة فى العالم، كما اكتشفت على فترات زمنية متباعدة، ويرجع تاريخها إلى أزمنة مختلفة، إلا أنه عند مقابلتها معاً وجدت متطابقة. ولقد قام بعض العلماء بفحص ما يزيد عن خمسمائة من هذه النسخ فوجدت فى تمام المطابقة رغم تباعد البلدان التى اكتشفت فيها، وتباعد الأزمنة التى ترجع إليها مما يثبت صحتها جميعاً. أما بالنسبة لأسفار العهد الجديد، فبالإِضافة إلى المخطوطات القديمة جداً والتى يرجع تاريخها إلى ما بعد أيام الرسل مباشرة، فإنه لدينا ما اقتبسه الآباء من الكتاب المقدس الذى وُجد أنه يغطى تماما كل آيات العهد الجديد باستثناء 11 آية فقط !! وأهم المخطوطات اليونانية للعهد الجديد هى النسخة السكندرية التى عثر عليها فى الإِسكندرية عام 1624 وهى موجودة حالياً فى المتحف البريطانى. والنسخة الفاتيكانية، وهى موجودة الآن فى الفاتيكان. والنسخة السينائية التى اكتشفت فى دير سانت كاترين نحو عام 1850م، وهى موجودة أيضاً فى المتحف البريطانى. والنسختان الأخيرتان يُقال إنهما كتبتا بناء على أمر الامبراطور قسطنطين نحو عام 330م. أعظم الاكتشافات - اكتشاف قمران قمران هذه بقعة تقع في الشمال الغربى للبحر الميت. وحدث فى ربيع عام 1947 أن اكتشف أحد الرعاة، عن طريق المصادفة، كهفاً به إناءان من الفخار يحتويان على 11 من المخطوطات القديمة. بيعت هذه المخطوطات، ووصل ستة منها لأستاذ فى الجامعة العبرية، والخمسة الباقية وصلت إلى رئيس أساقفة دير مرقس السريانى الذى أرسل تلك المخطوطات إلى المعهد الأمريكى للدراسات الشرقية بالقدس فتبين أنه نسخة كاملة من سفر إشعياء. كما أرسل الكتان الذى كان يغلف المخطوطات إلى معهد الدراسات النووية بشيكاجو بأمريكا، فتبين أنه يرجع إلى ما بين 167 ق.م إلى 233م. كان لهذه النتيجة دوى عظيم فى كل العالم الدينى، فتوجهت بعثة للتنقيب فى خرائب قمران، فتوالت اكتشافات مزيد من هذه الكهوف. وفى عام 1957 اكتشف 11 كهفاً تحوى 400 مخطوط.* وفى أحد الكهوف وجد أكثر من عشرة آلاف قصاصة من مخطوطات متعددة غطت أجزاء من كل أسفار العهد القديم تقريباً. واتضح بالبحث أن هذه الكهوف كانت ملجـأ للمؤمنين من اليهود نحو عام 125 ق.م إذ عثر على عملات من هذا التاريخ فى الكهوف المكتشفة ! ولكن الشئ المعزى حقاً، أنه لما قورنت المخطوطات المكتشفة والكاملة لسفر إشعياء، والتى تعود إلى القرن الثانى قبل المسيح مع السفر الذى بين أيدينا كلمة بكلمة، وجد أنه لا اختلاف فيها على الإطلاق!! أبعد هذا تلزم مناقشة أو مجادلة؟ أم يضير الصخر أنك تنطحه برأسك؟! « إلى الابد يارب كلمتك مثبتة في السموات. إلى دور فدور أمانتك» (مزمور 119 : 89، 90). إنجيل برنابا ما قصة إنجيل برنابا (المزيف) ؟ ما هى قصة ذلك المُسمى بإنجيل برنابا، والذى يزعم البعض من الذين -وياللعجب- قد لا يكون قد سبق لهم رؤية هذا المؤَلَف على الإطلاق، أنه هو الإِنجيل الصحيح وغيره أناجيل مزيفة؟! نقول أولاً : هذا الإنجيل اكتُشف فقط عام 1709، ولم يعثر له على أية نسخة باللغة اليونانية، لغة العهد الجديد، بل النسخة الوحيدة المُكتَشَفة له هى باللغة الإِيطالية. ثانياً : التاريخ الذى ترجع إليه النسخة الوحيدة المكتشفة هو القرن الخامس عشر على أبعد تقدير. ثالثاً : لم يُشَر إلى هذا الإنجيل المزعوم، ولا إلى مضمونه، فى كل الجداول المنتشرة من القرن الثانى فصاعداً، ولا فى ملخصات العهد الجديد أو أقوال الآباء جميعهم، ولا فى المجامع المختلفة محلية كانت أم مسكونية على مدى تاريخ الكنيسة، ولا حتى من أصحاب البدع والهرطقات على مر العصور ! رابعاً : عندما تُرجم هذا الكتاب إلى العربية، بادر المفكرون حتى من غير المسيحيين* إلى رفضه. فى مقدمة أولئك المفكرين الدكتور خليل سعادة مترجم هذا الإنجيل نفسه وكما ذكر فى مقدمة الترجمة. وأيضاً الأستاذ عباس العقاد كما ورد فى جريدة الأخبار** بتاريخ 26 /10/1959، وغيرهما كثيرون. خامساً : يذخر هذا الإنجيل المزيف بأخطاء عديدة مما يستحيل أن يكون مصدره إلهى على الإطلاق. ففيه أخطاء تاريخية عديدة. مثل الإشارة إلى جماعة الفريسيين فى زمان إيليا النبى، وأنهم كانوا 17 ألفاً (145 : 1) مع أن جماعة الفريسيين لم يظهروا إلا بعد الرجوع من السبى البابلى (أى بعد زمان إيليا بمئات السنين)، ولم يظهروا كحزب دينى إلا فى القرن الثانى ق.م أى بعد إيليا بأكثر من ستمائة سنة ! و أخطاء جغرافية عديدة : مثل قوله إن الناصرة تقع على البحر (20 : 1، 9) مما يثبت جهله، ويدل على أنه لم يرَ فلسطين فى حياته! و أخطاء كتابية لا حصر لها : مثل نسبته أقوال آساف فى مزمور 73 إلى داود (25 : 10) وكلمات حزقيال (18 : 23) إلى يوئيل (165 : 1) وكلمات ملاخى (2 : 2) إلى ميخا (158 : 4). كما يقول إن اليوبيل كل مائة عام* (82 : 18). والصحيح أنه كل خمسين عام (لاويين 25 : 11). وأن داود قضى على مفيبوشث (50 : 35) والصحيح أنه أشفق عليه (2صموئيل 21 : 7). بالإضافة إلى أخطاء لاهوتية كثيرة، ومبالغات ساذجة (مثل قوله إن السموات تسع** عاشرها الجنة)، بل وتناقضات مفضوحة، وخرافات عجائزية، وتعاليم تجديفية. إن هذا المؤلف البشرى التافه فيه أشياء كثيرة لا يمكن لمن يتمسك بأى دين أن يقبلها، على حد تعبير الأستاذ العقاد. إذاً فما سر تهليل البعض لهذا المسمى بإنجيل برنابا؟ الواقع أن سر إعجاب البعض به لا يرجع إلى إيمانهم بما فيه، بل يرجع إلى أنه يحط من قدر المسيح وينكر الصليب، وهل لدى الشيطان هدف أهم من النيل من مجد المسيح، ومن حقيقة الصليب !! هذه هى خلاصة ما يحتويه هذا الإنجيل المزعوم. طعنٌ فى المسيح وطعنٌ فى الصليب. فهل نرفض كل أسفار الكتاب المقدس لكى نقبل (إنجيل) برنابا هذا؟! أنرفض التبر ونختار التراب؟! سؤال أترك القارىء يجيب عليه بنفسه. لكنى أكتفى بالقول إن إجابتك على هذا السؤال ستحدد حياتك وأبديتك، مسارك ومصيرك !! أدلة وحى الكتاب المقدس سأل أحدهم الواعظ المشهور "سبرجن" عما إذا كان يمكنه الدفاع عن الكتاب المقدس، فأجاب السائل «ماذا تقول؟ أنا أدافع عن الكتاب!! وهل يدافع أحد عن الأسد؟!!» وهذا صحيح تماماً، فالكتاب المقدس يحمل فى ذاته دلالة وحيه، وكل سطوره وكلماته تحمل الدليل على أنه كتاب الله. ولهذا فهو لا يحتاج منا أن ندافع عنه، بل هو الذى يدافع عن نفسه. ومرة ذهب أحد الشباب إلى خادم الرب، وكان قد تأثر بأفكار الملاحدة، وطلب منه أن يذكر له اسم كتاب يثبت حقيقة وحى الكتاب المقدس. فقال له الخادم : «الكتاب المقدس» أجاب الشاب «عفواً، إنك لم تفهمنى. أريدك أن تذكر لى اسم كتاب يبرهن أن الكتاب المقدس صحيح»، أجاب الخادم «أنا لم أخطىء فهمك. إقرأ الكتاب المقدس» .. وهذا أيضاً صحيح تماماً ؛ أتُرانا محتاجين أن نوقد مصباحاً لكى نرى الشمس؟! إن الذى لا يرى النور هو ليس بحاجة إلى براهين لإثبات وجود النور، بل إلى البصر لكى يراه. ومع أنى سأقدم الآن بعض الأدلة الموجزة* على وحى الكتاب. لكنى أنصحك من أعماق قلبى ألا تكتفى بها، بل اقرأ الكتاب المقدس بنفسك، واكتشف عصمته وعظمته بنفسك. الدليل الأول : قوة تأثيره لا يوجد كتاب أثٌر فى تاريخ البشرية بعمق مثل ما فعل الكتاب المقدس. ولا يوجد شيىء فى الوجود كُتبت عنه المؤلفات التى يستحيل حصرها مثل ما حدث مع الكتاب المقدس. ولا عجب، فهو بخلاف الكتب البشرية، يناسب كل شعوب العالم، متخطياً حدود القومية، مما يبرهن أن مصدره سماوى. وهو كتاب كل العصور إذ لا يوجد كتاب قديم مثله لازال البشر يقرأونه بشغف ولذة وخشوع، مما يدل على أن صاحبه هو الله الأزلى الأبدى. وهو كتاب الأجيال كلها، إذ لا توجد قصص ملذة للصغار مثل قصص الكتاب المقدس، ولا نصائح أكثر نفعاً للشباب من نصائح الكتاب المقدس، ولا رفيق للرجال أو أنيس للشيوخ أعظم أو ألذ من الكتاب المقدس. قال هيجل فيلسوف الألمان «إن الكتاب المقدس كان لى وقت مرضى خير معز» وقال المخترع الأمريكى جورج سلدن وهو على حافة الموت «ليس هناك كتاب فى الوجود ترتاح إليه نفوسنا عند الموت إلا الكتاب المقدس» إن من يقرأ الكتاب المقدس فإنه سينحنى بخشوع أمام سلطانه غير المحدود، وإلا فإنه سيقاومه. لماذا يحبه المؤمنون؟ لأنه «أحلى من العسل وقطر الشهاد» (مزمور 19 : 10). ولماذا يكرهه الناس ؟ لأنه الحق الذى يصل إلى الضمائر فيبكتها. ولماذا يقاومونه؟ لأنه «سيف الروح» (أفسس 6 : 17). والناس لا يتسلحون فى مواجهة القش، بل فى مواجهة السيف الذى يرتعبون من مضاء حديه!! مرة وقف أحد المبشرين يعظ، فقاطعه فيلسوف كان حاضراً الاجتماع بالقول : من قال إن الكتاب الذى تعظ منه هو كتاب الله؟ فرد المبشر عليه بهدوء طالباً منه إن كان بوسعه أن يحضر إلى الاجتماع فى اليوم التالى ومعه شخص واحد كان معروفاً فى المدينة بفساده وشره، ولما قرأ فلسفاته أو أية فلسفة أخرى تغيرت حياته إلى حياةجديدة فاضلة. وفى المقابل لذلك فإنه (أى المبشر) مستعد أن يحضر معه عشرات ممن كانوا أشراراً وسكيرين وتعساء، لكن الكتاب المقدس بدّل حياتهم إلى حياة التقوى والسعادة! عندما كان الشاعر والقصصى الإنجليزى الشهير "والتر سكوت" على فراش الموت، قال لصديقه وصهره "لوكهارت" أن يقرأ له فى الكتاب. ولما نظر ذاك إلى المكتبة الضخمة، وما فيها من آلاف الكتب، سأله أى كتاب تقصد؟ أجاب السير والتر: «لا يوجد سوى كتاب واحد يجب أن ندعوه الكتاب، وهو الكتاب المقدس!» نعم، صدقت يا "والتر"، فإن كتاب الكتب هذا هو وحده «الكتاب» لأنه هو كتاب الله. الدليل الثانى : وحدة موضوعه إنك إذا قرأت الكتاب المقدس بإخلاص سوف تُقِر بالوحدة العجيبة التى تجمعه. وكم يبدو هذا غريباً إذا عرفت أنه كتب بواسطة كُتّاب مختلفين، عاشوا فى أزمنة متباعدة، وظروف اجتماعية متباينة؛ مبتدأ بموسى الذى تهذب بكل حكمة المصريين، منتهياً بيوحنا صياد السمك الذى هو عديم العلم وعامى. الأول كتب أسفاراً خمسة هى أولى أسفار الكتاب، والأخير كتب أيضاً أسفاراً خمسة هى آخر أسفار الكتاب. موسى كتب أسفاره الخمسة فى التيه فى سيناء، وهو محاط برمال البرية، والأخير كتب آخر أسفاره الخمسة (سفر الرؤيا) فى النفى فى جزير بطمس، وهو محاط بمياه البحر. وبين أول وآخر من كتب مرت 1600 سنة، أى نحو أربعين جيلاً فيها قام نحو أربعين كاتباً مختلفاً بكتابة أسفار الكتاب المقدس. كان بين من استخدمهم الروح القدس لكتابة أسفار الكتاب المتعلم كلوقا الطبيب والأمى كعاموس جانى الجميز، الفيلسوف كبولس والشاعر كداود، القائد العسكرى كيشوع والكاتب الدينى كعزرا، كان فيهم العظماء : ملك ورئيس وزراء، كسليمان ودانيال، وكان فيهم البسطاء : عشار ونجار، كمتى ويعقوب. لكن على الرغم من ذلك التنوع والتباين فى الكُتَّاب خرج فى النهاية كتاب واحد، فكر متجانس يربط صفحاته معاً من الأول إلى الآخر. مما يؤكد أن الكُتّاب البشريين كتبوا واحداً تلو الآخر وماتوا، لكن الكاتب الحقيقى، استمر من الأول للآخر، وهو الروح القدس. ثم إنك لتلحظ تقدماً فى الإعلان. فالقضاة عرفوا أكثر من الآباء، والأنبياء أكثر من القضاة، والرسل أكثر من الأنبياء، دون أن يكون هناك أدنى تعارض بين ما أعلنوه جميعاً بالوحى. أليس هذا عجيباً؟! ثم ما أروع تكامله التاريخى ! فالكتاب المقدس يغطى تاريخ البشرية من البداية إلى النهاية دون فجوات تاريخية. فسفر ينتهى ليبدأ سفر آخر من حيث انتهى سابقه تماماً، كأن الكاتب الأول سلم الراية لمن تلاه. مع أنهما قد لا يكونان التقيا على الأرض إطلاقاً! هذا التكامل التاريخى لم يكن من عمل إنسان، لكنه نما شيئاً فشيئاً عبر الأجيال حتى برز إلى الوجود بهذا الكمال المعجزى. والواقع أنه بدون الكتاب المقدس لظلت صفحات كثيرة فى التاريخ لا نعلم شيئاً عنها. الكتاب المقدس هو أعظم كتاب تاريخى* على الإطلاق!! ثم تأمل معى موضوع الكتاب المقدس. إن موضوعه من الأول للآخر هو المسيح. ومن لا يفهم هذه الحقيقة سيتعذر عليه فهم الكتاب المقدس، وتختلط الأمور فى ذهنه كما حدث مع تلميذى عمواس (انظر لوقا 24 : 27). وبالإجمال نقول إن العهد القديم كله يشير متقدماً إلى الشخص الذى سيأتى، والعهد الجديد يشير راجعاً إلى الشخص الذى أتى: فى أسفار موسى نرى صوراً ورموزاً عن المسيح. وفى كتاب الأنبياء نجد النبوات عن المسيح. وفى المزامير نستمع إلى مشاعر المسيح وهو على الأرض. ثم فى الأناجيل إذ نلتقى بشخصه فعلاً فان لنا الحقائق الخاصة بالمسيح. وفى الرسائل نجد ثمار المسيح التى ينبغى أن تظهر فى تابعيه. لكأننا فى العهد القديم نرى المسيح مُظلَلاً، وفى العهد الجديد نراه مُعلَناً. وكما أن المساء والصباح يوم واحد، هكذا العهد القديم والعهد الجديد كتاب واحد. أليس هذا كله عجيباً!! الدليل الثالث : صدق نبواته إن نبوات الكتاب المقدس هى واحد من أقوى الأدلة على وحيه. لأن من يستطيع أن يخبرنا عما سيحدث بعد مئات وآلاف السنين سوى الله؟ (انظر إشعياء 41 : 23) فإذا كان هذا الكتاب يحتوى على نبوات قيلت قبل حدوثها بأجيال وقرون وتمت بكل دقة، فهذا دليل لا يُنقَض على أنه فعلاً كلمة الله. لقد حسب أحد الدارسين عدد نبوات الكتاب المقدس فوجدها 10385 نبوة. ولهذا فقد أطلق الرسول بطرس على هذا الكتاب «الكلمة النبوية» وقال إننا نفعل حسناً إن انتبهنا إليها (2بطرس 1 : 19). وسنذكر بعضاً من أبرز هذه النبوات التى تمت. (1) النبوات عن المسيح لقد وردت فى العهد القديم نحو 333 نبوة عن المسيح مثل : إنه سيولد من عذراء إشعياء 7 : 14 انظر متى 1 : 22،23 وإنه سيولد فى بيت لحم ميخا 5 : 2 انظر متى 2 : 5،6 وعن إلتجائه إلى مصر هوشع 11 : 1 انظر متى 2 : 15 وعن حياته الكاملة الفريدة إشعياء42: 1ـ4 انظر متى 12 : 14ـ 21 وعن دخوله إلى أورشليم فى موكب راكباً على جحش زكريا 9 : 9 انظر متى 21 : 4،5 وأن أحد تلاميذه سيخونه مزمور41 : 9 انظر يوحنا 13 : 18 وعن موته على الصليب مزمور22: 6 انظر متى 27 : 35 وعن دفنه فى قبر رجل غنى إشعياء53: 9 انظر متى 27 : 57ـ60 وعن قيامته مزمور16: 10 انظر أعمال 2 : 31 هذه النبوات وكثير غيرها يتضمنها الكتاب العظيم، كتاب الله وهى موجودة فى توراة اليهود الذين يكرهون يسوع وينكرون أنه المسيح. فهل تمت هذه النبوات كلها فى الرب يسوع مصادفة أم أن وجودها فى التوراة يؤكد أن هذه التوراة هى جزء من كتاب الله العظيم، الكتاب المقدس؟! للإجابة على هذا الاستفسار اختار أحد علماء الرياضيات بأمريكا، واسمه بيتر ستونر، أوضح 48 نبوة من هذه النبوات التى تزيد على الثلثمائة. ثم طبق نظرية الاحتمالات فى أن تتحقق تلك النبوات عن طريق المصادفة فى شخص واحد. فماذا كانت النتيجة؟ لو كان الأمر مجرد صدفة ولم تكن هذه النبوات جزءاً من كلمة الله الذى يعرف النهاية من البداية فإن احتمال حدوث هذه النبوات (الثمانى والأربعين فقط) فى شخص واحد هو فرصة واحدة أمام رقم هائل يكتب هكذا : واحد وأمامه 181 صفراً !!! ألا يكون رفض الكتاب المقدس والحال هكذا هو كمن يرفض الاعتراف بنور الشمس؟! (2) شعوب الأرض والقارات وردت هذه النبوة فى تكوين 9 على فم نوح، أى يرجع تاريخها إلى ما قبل الميلاد بنحو 2500 سنة. فهل تمت؟ نعم إنها تمت بكل دقة ! فحام، ومنه عمرت قارة أفريقيا ـ القارة السوداء ـ لم يذكره نوح فى بركته لأولاده، فظلت معظم القارة الأفريقية أجزاء منسية. وعن سام، الذى منه عمرت قارة آسيا قال «مبارك الرب إله سام»، فجاء كل الأنبياء وكتبة الوحى من نسله. وعن يافث، الذى منه عمرت قارة أوروبا قال «ليفتح الله ليافث»، ففتح له الله، واكتشفوا الأمريكتين ثم أستراليا. وقال أيضاً «ليسكن فى مساكن سام» فكانوا هم أشهر غزاة وفاتحين فى كل تاريخ العالم !! (3) أعجب النبوات (اليهود) لما سأل فريدريك الكبير ملك بروسيا، واعظ قصره : هل تقدر أن تبرهن على صدق الكتاب المقدس بكلمتين. أجابه : اليهود يامولاى! فمجيىء المسيح إليهم، ورفضهم إياه، وبالتالى خراب هيكلهم، وتشتتهم فى كل العالم عقاباً لهم على شرهم، كل هذا تفيض به نبوات الكتاب المقدس. وما تجمعهم الآن فى أرض فلسطين (وقد ذكرته النبوات أيضاً)، إلا لكى يجتازوا أولاً فى الضيقة العظيمة التى لم يكن مثلها، ولن يكون. وإنى أترك القارىء العزيز ليعرف ذلك بنفسه، إن أراد، مستعيناً ببعض الفصول الهامة مثل (تثنية 28، دانيال 9، حزقيال 36، 37، متى 23 الجزء الأخير مع 24). هذا بالإضافة إلى النبوات الدقيقة جداً التى تعطى لنا وصفاً لامبراطوريات العالم المتعاقبة (دانيال 2، 7) والنبوات عن زوال بعض المدن من الوجود وعدم بنائها من جديد (إشعياء 13، حزقيال 26). وطابع الأيام الأخيرة التى نحن فيها الآن : سواء حالة الناس السياسية والاجتماعية (لوقا 21) أو الروحية (2بطرس 2، 3). وغيرها الكثير جداً. الدليل الرابع : دقته العلمية مع أن الكتاب المقدس ليس كتاباً علمياً بل هو كتاب روحى، يكلمنا عن الخالق لا الخليقة، وعن الخلاص الأبدى لا نظريات العلم المرتبطة بالعالم الذى يزول. ومع أنه لم يُصغ فى أسلوب علمى وإلا استحال على البشر البسطاء أن يفهموه، ومع أنه لم يركز على الحقائق العلمية وإلا لتعارض مع أفكار البشر فى فترات كثيرة كانت العلوم فيها لازالت فى بدايتها، لكنه مع كل هذا كتاب دقيق جداً من الناحية العلمية إذا أشار عرضاً لأى من حقائق العلم. فى سنة 1861 أعلنت الأكاديمية الفرنسية للعلوم عن اكتشافها 51 غلطة فى الكتاب المقدس. لكن مع تقدم العلم صحح العلم نفسه، وقلٌت هذه الغلطات المنسوبة للكتاب. ثم مع مرور الأعوام، إتضح أن الأخطاء الواحد والخمسين كانت كلها أخطاء الأكاديمية لا أخطاء الكتاب!! وسنذكر القليل جداً من الحقائق العلمية المذهلة التى فى الكتاب المقدس : (1) كروية الأرض : التى كان أول من اكتشفها كولومبس عام 1492. لكن إشعياء، قبل الميلاد بنحو سبعمائة عام، قال عن الله «الجالس على كرة الأرض وسكانها كالجندب» (إشعياء 40 : 22). (2) الفضاء السابح فيه الكون : قبل كتابات اسحق نيوتن عام 1687 لم يكن الناس يعرفون ذلك. لكن أقدم سفر فى الكتاب المقدس ـ سفر أيوب ـ سجل هذه الحقيقة بكل وضوح «يمد الشمال على الخلاء ويُعلٌق الأرض على لا شيىء» (أيوب 26 : 7). (3) إستهلاك كتلة الأجرام السماوية : أوضح العلم الحديث أنه نتيجة ما تشعه الأجرام السماوية من طاقة حرارية وضوء فإنها تفقد مقداراً معيناً من كتلتها باستمرار. ولقد أشار الكتاب المقدس من نحو ثلاثة آلاف سنة لهذه الحقيقة فى أسلوب رائع لما قال عن هذه الأجسام «هى تبيد.. وكلها كثوب تبلى» (مزمور 102 : 26، عبرانيين 1 : 11). ونحن نعرف أن الثوب لا يبلى دفعة واحدة، بل تتناقص جدته شيئاً فشيئاً، ويأخذ فى القدم يوماً بعد يوم. هكذا الأجرام السماوية !! (4) تحلل العناصر : لم يكن أحد يتحدث عن تحلل العناصر قبل القرن العشرين عندما جاء البرت إينشتين بتفجيره النووى، التفجير الذى يصاحبه ضجيج رهيب وحرارة هائلة. لكن الرسول بطرس، صياد السمك، كان قد سبق وتحدث عن هذا الأمر إذ قال «يوم الرب الذى فيه تزول السموات بضجيج وتنحل العناصر محترقة.. تنحل السموات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب» (2بطرس 3 : 10 ـ 12). وهناك قصتان طريفتان عن الدقة العلمية للكتاب. القصة الأولى : عن العالم "متى مورى"، الذى يسمونه أبا المسالك البحرية، إذ كان أول من رسم الخرائط لطرق البحار وأسٌس علم جغرافية المحيطات. فلقد حدث أثناء مرض ذلك العالم أن دعا ابنه ليقرأ له فى الكتاب المقدس فقرأ له فى سفر المزامير، ولفت نظره قول داود فى مزمور 8 : 8 إن الرب مسيطر على «سمك البحر السالك فى سبل المياه» إستوقف الأب ابنه وطلب منه إعادة قراءة الآية مرة ثانية. ولما سمعها ثانية قال هذا يكفى، طالما أن كلمة الله قالت إن هناك سبلاً فى المياه، فلابد أنها هناك، وسأكتشفها. وبعد سنوات قليلة كانت أول خريطة عن هذا العلم الكبير قد رسمها ذلك العالم! القصة الثانية : حدثت إذ كان أحد ضباط الجيش الأمريكى يلقى على زملائه محاضرة عن الكهرباء، وأخذ يوضح الإكتشاف العظيم للورد كلفن، الذى كان من شأنه أن يلمع اسمه، وهو أن المطر يحدث دائماً بسبب تفريغ شحنة كهربائية. وكان هذا الضابط مؤمناً، فاشار إلى كتاب قديم كان معه وقال: «لكن أيها السادة أنا أملك كتاباً أقدم من جون كلفن، سبق اللورد فى هذا الإكتشاف».. هذه المفاجأة أثارت شغف الضباط، مما جعلهم بعد المحاضرة يلتفون حول الضابط ليسألوه عن هذا الكتاب القديم الذى أشار إلى اكتشاف كلفن. فأخرج لهم كتابه المقدس وقرأ لهم مزمور 135 : 7، إرميا 10 : 13. الدليل الخامس : الكتاب يتحدى الكفر! واجه الكتاب المقدس تحديات ثلاثية رهيبة، فى حقب متعاقبة ثلاث: أولاً : من السلطة السياسية الحاكمة، تمثلت ذروتها فى اضطهاد الإمبراطورية الرومانية الوثنية له، فى القرون الثلاثة الأولى للمسيحية. ثانياً : من السلطة الدينية ذاتها فى العصور الوسطى المظلمة، إذ حجبته الكنيسة عن الناس ومنعت تداوله، بل واضطهدت ـ حتى الموت ـ من تجاسروا على ترجمته أو نشره. ثالثاً : من الهيئات الفكرية، عن طريق الملحدين من الفلاسفة ابتداء من عصر النهضة وحتى اليوم. ولضيق المقام، أكتفى بالإشارة إلى التحدى الثالث المستمر حتى اليوم، وأذكر هنا حادثة لها مدلولها البليغ عن الملحد الفرنسى الشهير "فولتير"، الذى قال متهكماً على الكتاب المقدس «إنه فى خلال مائة عام سيختفى الكتاب المقدس من الأرض ويدخل التاريخ» ومرت المائة عام فيها دخل فولتير التاريخ، وأما الكتاب المقدس فلازال حياً، ويهب الحياة لكل من يقرأه ويطيعه. ومن سخريات التاريخ أن مطبعة فولتير القديمة، وبيته نفسه، عرضا للبيع بعد موته، واشترتهما جمعية الكتاب المقدس واستخدمتهما فى طبع وتخزين الكتاب المقدس !! وحدث عندما أرادت الحكومة الشيوعية فى روسيا التخلص من كل ماهو مسيحى لديها أن عرضت للبيع النسخة السينائية للكتاب المقدس (التى أشرنا إليها فيما سبق) فاشترتها الحكومة البريطانية منها نظير مبلغ نصف مليون دولار. وفى نفس ذلك اليوم بيعت الطبعة الأولى لأعمال فولتير من مكتبات باريس بمبلغ 11 سنتاً!!! أجل إنه كتاب الله؛ لأنه الكتاب االذى صمد رغم كل المقاومات والتحديات، كما برهن على ألوهية مصدره بكل المعايير وأمام كل الامتحانات. إنه الكتاب الذى كتبه بالوحى العشرات، واشترك فى ترجمته الآلاف، ويقوم بطبعه وتوزيعه الربوات، ويحبه ويقرأة الملايين. والآن ماذا؟ والآن بعد أن عرفت أن هذا الكتاب الفريد الذى ليس له نظير هو كلمة الله، فماذا أنت فاعل بهذه الكلمة؟ عندما يتكلم الله أليس من الواجب أن نسمع؟ «إسمعى أيتها السموات واصغى أيتها الأرض لأن الرب يتكلم» (إشعياء 1 : 2). وعندما يتنازل الله ليعطينا كتاباً، ألسنا مسئولين أن نقرأه ونفهم مافيه؟ «فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية» (يوحنا 5 : 39). أما من يرفض هذا الكتاب ويحتقره، أو من يحاول النيل من محتوياته، أو أن يحرفه عن قصده، فإنه على نفسه وحده سيجنى. وما أمّر ما سوف يجنى!! قال الحكيم : «من ازدرى بالكلمة يخرب نفسه» (أمثال 13 : 13). وقال يوحنا الحبيب عن هذا الكتاب «إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات... وإن كان أحد يحذف.. يحذف الله نصيبه من سفر الحياة» (رؤيا 22 : 18، 19). وقال الرسول بطرس عن الكتب «فيها أشياء.. يحرفها غير العلماء .. لهلاك أنفسهم» (2بطرس 3 : 16). وأما إذا كنت مؤمناً بهذا الكتاب فطوبى لك. هيا بنا إذاً نواصل الحديث فى الفصل التالى عن أقدس ما يحتويه هذا الكتاب العظيم من إعلان : إنه إعلان الله نفسه عن نفسه ! الموضوع الثانى اللـه : ثالوثه، ولاهوت الابن "إن أكثر الأشياء أهمية بالنسبة للإنسان، هو ما يؤمن به الإنســان بالنسبــة لله" (أ . توزر) الجزء الأول : اللـه وثالوث أقانيمه إن من يرفع عينيه إلى العلاء، ويرى هذا الكون اللانهائى بما فيه من مجرات ونجوم وكواكب وأقمار، ثم يتلفت حوله ليرى هذه الخليقة وروعة ما فيها من الجبال العالية والبحار الواسعة، إلى الزهرة الجميلة والزنبقة الطاهرة، ثم يتأمل داخل نفسه، هذا الجسد المليىء بالمعجزات، والنفس الخلاقة الممتلئة بالعبقرية والذكاء، لابد أن يقول مع المرنم «ما أعظم أعمالك يارب، كلها بحكمة صنعت» (مزمور 104 : 24). نعم إن الإيمان بوجود الله أكثر معقولية بما لا يقاس من إنكار وجوده. والكفر لم يكن العقل منشأه، بل كان منشأه القلب الفاسد، فليس أن العالِم قال فى عقله ليس إله، بل «قال الجاهل فى قلبه ليس إله. فسدوا ورجسوا رجاسة» (مزمور 53 :1). اللـه من هو؟ مع أن الخليقة تعلن لنا عن وجود إله عظيم هو علة وجودها، إلا أنها لاتعلن من هو. لقد أخبرتنا عن قدرته وعظمته (روميه 1 : 19،20)، لكنها لم تستطع أن تخبرنا عن ذاته وجوهره. فجاء عن الله فى العهد القديم «هوذا الله عظيم ولا نعرفه .. القدير لا ندركه»(أيوب 36 : 26، 37 : 23). وقيل عنه فى العهد الجديد «ساكناً فى نور لا يدنى منه» (1تيموثاوس 6 : 16). وليس هذا بالأمر المستغرب. فلا أنا ولا أنت نعرف كل شئ عن الكون الذى كوَّنه اللـه، أو نفهم جميع أسراره كالجاذبية، والكهرباء والذرَّة .. إلخ. فإذا كان يتعذر علينا بعقولنا أن نستوعب الخليقة أيمكن أن نستوعب الخالق؟! «أإلى عمق الله تتصل، أم إلى نهاية القدير تنتهى؟ هو أعلى من السموات فماذا عساك أن تفعل؟ أعمق من الهاوية فماذا تدرى؟» (أيوب 11 : 7،8). إذن لم يكن مفر لكى نعرف الله أن يتنازل هو ويعلن عن نفسه. ولقد جاء الإِعلان : «إن الله واحد»، وهذا أمر معقول لأن تعدد الآلهة الذى عند الوثنين يعنى محدودية وتحيز هذه الآلهة، والمحدودية والتحيز يرتبطان بالنقص وعدم الكمال. وحاشا لله من أى منهما. 1- اللـه واحد كثيرة هى الآيات المقدسة فى كلا العهدين القديم والجديد عن وحدانية الله. فمثلاً يرد فى العهد القديم : «الرب إلهنا رب واحد» (تثنية 6 : 4). «أنا الأول وأنا الآخر. ولا إله آخر غيرى» (إشعياء 44: 6). ويرد فى العهد الجديد : «بالحق قلت (إن) الله واحد وليس آخر سواه» (مرقس 12 : 32) وأيضاً «أنت تؤمن أن الله واحد. حسناً تفعل» (يعقوب 2 : 19) وغيرها الكثير جداً*. نوع الوحدانية لكن أى نوع من الوحدانية هى وحدانية الله؟ هل هى وحدانية مجردة أو مطلقة؟ لو كان كذلك فثمه سؤال يفرض نفسة: ما الذي كان يفعله الله الواحد الأزلى قبل خلق السماء والأرض والملائكة والبشر؟ نعم فى الأزلية، إذ لم يكن أحد سواه، ماذا كان يفعل؟ هل كان يتكلم ويسمع ويحب؟ أم كان صامتاً وفى حالة سكون؟ إن قلنا إنه لم يكن يتكلم ويسمع ويحب، إذاً فقد طرأ تغيير على الله - لأنه قد تكلم إلى الآباء بالأنبياء، وهو اليوم «سامع الصلاة» إذ هو السميع المجيب، كما أنه يحب إذ أنه الودود. نعم إن قلنا إنه كان ساكناً لايتكلم ولايسمع ولايحب ثم تكلم وسمع وأحب فقد تغيّر؛ والله جل جلاله منزه عن التغيير والتطور. وإن قلنا إنه كان يتكلم ويسمع ويحب في الأزل، قبل خلق الملائكة أو البشر. فمع من كان يتكلم، وإلى من كان يستمع، ومن كان يحب؟؟؟ إنها حقاً معضلة حيرت الفلاسفة، وجعلتهم يفضلون عدم الخوض في غمارها. فهيهات لعقولهم المحدودة أن تحل تلك المعضلة أو أن تعرف جوهر الله. أما الكتاب المقدس، فلأنه كتاب الله، الذى فيه أعلن الله لنا ذاته، فلقد عرفنا منه ما خفى على كل فلاسفة البشر وحكمائهم، وهو أن وحدانية الله ليست وحدانية مجردة أو مطلقة. بل هى وحدانية جامعة مانعة - جامعة لكل ما هو لازم لها، ومانعة لكل ما عداه. وبناء على ذلك فإن الله منذ الأزل وإلى الأبد هو كليم وسميع، محب ومحبوب، ناظر ومنظور ... دون أن يكون هناك شريك معه، ودون احتياجه، جلت عظمته إلى شئ أو شخص فى الوجود لإظهار تلك الصفات. هذا يقودنا إلى النقطة الثانية وهى: 2- أقانيم اللاهوت كلمة أقنوم، وهى ليست كلمة عربية، بل سريانية، تدل على من له تمييز (distinction) عن سواه بغير انفصال عنه. وهكذا أقانيم اللاهوت؛ فكل أقنوم، مع أن له تميز عن الأقنومين الآخرين، لكنه غير منفصل عنهما. وبذلك يمارس الله أزلاً وأبداً كل الصفات والأعمال الإلهية بين أقانيم اللاهوت. وبذلك كان يمارس الله صفاته فى الأزل قبل وجود المخلوقات، وبغض النظر عن وجودها، إذ أنه - نظراً لكماله - مكتفٍ فى ذاته بذاته. فإن العقل والمنطق يرفض الفرض بأن صفات الله كانت عاطلة فى الأزل ثم صارت عاملةً عندما خلق، لأنه لو كان الأمر كذلك يكون الله قد تعرض للتغيير والتطور، وهو له كل المجد منزه عن كليهما تنزيهاً مطلقاً! أسمى من العقل ! هذه الحقيقة، أعنى وحدانية الله الجامعة المانعة، وإكتفاء الله بذاته لإِظهار كل صفاته عن طريق وحدانية الله وتعدد أقانيمه، نقول إن هذه الحقيقة هى بالفعل فوق العقل والإِدراك. لكن هذا لا يعيبها بل بالعكس إنه دليل صحتها. فالعقل إذا اخترع شيئاً فإنه يخترع ما يتناسب مع قدرته وفى حدودها. فكون هذه الحقيقة أسمى من العقل فهذا دليل على أنها ليست من إنتاجه. لقد شغلت هذه المعضلة ذهن المفكر المسيحى القديم "القديس أغسطينوس"، دون أن يهتدى إلى حل يقنعه تماماً. وفى ذات يوم بينما كان مستغرقاً فى هذه الأفكار وهو يسير على شاطىء البحر وجد طفلا يلهو على رمال الشاطىء. وأراد المفكر أن يسري عن نفسه فاقترب من الطفل وسأله ماذا تفعل ؟ أجابه الطفل إني أحاول أن أنقل ماء البحر إلى هذه الحفرة التى حفرتها! كانت هذه الإِجابة من الطفل سهماً أصاب أغسطينوس فى الصميم. فكف عن محاولة فهم هذا الموضوع بالعقل. والواقع أنه من المنطقى أن يكون الله فوق العقل، فإننا إذا أمكننا أن نستوعب إلهاً بعقولنا لا يكون هو الله. فإن كنا لا نقدر أن نستوعب الخالق بعقولنا يكون من باب أولى ألا تصلح هذه العقول للحكم على ما يتنازل الله بالنعمة ليعلن لنا به عن ذاته. نعم، فالله لم يعطنا العقل لنفهم به الخالق بل لنفهم به الخليقة. أما أمام الخالق العظيم؛ الله، فينحنى العقل شاعراً بصغره تماماً. "ماذا يقول الكتاب" ؟ إن أول آية فى الكتاب المقدس تعلن هذه الحقيقة التى ذكرناها الآن إذ يقول الوحى: «فى البدء خلق الله السموات والأرض» وفى هذه الآية ورد الفعل "خلق" بالمفرد، بينما إسم الجلالة "الله"، وفى الأصل العبرى "إيلوهيم" ورد بصيغة الجمع*. وأول الوصايا فى الناموس تشير أيضاً إليها «إسمع يا إسرائيل، الرب إلهنا رب واحد» (تثنية 6 : 4، مرقس 12 : 29). وكلمة واحد هنا باللغة العبرية تفيد الوحدة المركبة.** لكن هناك ما هو أوضح من ذلك: ففى الخلق قال الله : «نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا» (تكوين 1 : 26). هل استخدم الله هنا صيغة الجمع للتعظيم كما يظن البعض؟ كلا، فاللغة العبرية التى بها كتبت التوراة لا تعرف تلك الصيغة. والدليل على ذلك أن الملوك كانوا يتحدثون عن أنفسهم دائماً بصيغة المفرد «أنا فرعون» (تكوين 41 : 44)، «أنا نبوخذ نصر» (دا 4 : 32)، «أنا داريوس» (عز 6 : 12). بل إن الله نفسه عندما تكلم مع إبراهيم قال له «أنا ترس لك» (تكوين 15 : 1)، «أنا الله القدير» (تكوين 17 : 1). وما قاله الرب بعد سقوط الإنسان يجعل الحق الذي ذكرناه الآن أوضح. إذ «قال الرب الإله هوذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر» (تكوين 3: 22). ومرة ثالثة فى زمان بناء برج بابل قال الرب «هلم ننزل الآن ونبلبل هناك لسانهم» (تكوين 11 : 7). إذاً فهذا الحق معلن فى أول أسفار الكتاب بصدد الخلق، ثم السقوط، ثم الدينونة. وهناك فى إشعياء 6 : 8 آية واضحة تماما، إذ أن ذات الآية تجمع بين صيغتى المفرد والجمع عن الله: «سمعت صوت السيد قائلا من أرسل (بالمفرد) ومن يذهب من أجلنا (بالجمع)» إنها تحدثنا عن الوحدانية مع تعدد الأقانيم. 3 ـ الثالوث الأقدس لكن ليس فقط تعدد الأقانيم هو ما نراه فى العهد القديم، بل عدد الأقانيم أيضا. فلنستمع مثلا إلى نداء السرافيم الوارد فى إشعياء 6 : 3 «قدوس قدوس قدوس» لماذا ترد كلمة «قدوس» ثلاث مرات بالضبط لا أكثر ولا اقل؟ لأنها تشير إلى أقانيم اللاهوت الثلاثة. فالآب «قدوس» (يوحنا 17 : 10). والابن «قدوس» (رؤيا 3: 7، لوقا 1: 35). والروح القدس أيضاً (1تسالونيكي 4: 8، أفسس 1: 13). ثم استمع إلى بركة هرون للشعب، انها أيضا بركة ثلاثية «يباركك الرب ويحرسك. يضئ الرب بوجهه عليك ويرحمك. يرفع الرب وجهه عليك ويمنحك سلاماً» (عدد 6: 24ـ 27). لماذا هذا التكرار الثلاثى؟ لأنها تحمل اسم الرب «فيجعلون اسمى (عليهم) وأنا أباركهم.» أفليست هذه إشارة أخرى إلى أن اسم الرب ثلاثى؟‍‍‍‍‍‍‍!! ثم لما أراد بلعام أن يلعن شعب الله، وافاه الله ثلاث مرات. فى المره الاولي «وافى الله بلعام» وفى المرة الثانية «وافى الرب بلعام» وفى المرة الثالثة «كان عليه روح الله» (عدد 23 :4، 16، 24 :2). فهل كان هذا صدفه بلا معنى؟ أم أنها اشارة إلى الآب والابن والروح القدس؟ ثم فى المزمور الثانى، بعد أن ذكر فى (ع 1ـ3) ثورة الأشرار وتمردهم على الله، فإنه ذكر بعد ذلك؛ فى (ع 4-6) رد الآب عليهم «الساكن فى السموات يضحك، الرب يستهزئ بهم... أما أنا فقد مسحت ملكى على صهيون ..» ثم فى (ع 7-9) يحدثنا عن الابن معلناً المرسوم الإلهى «إني أخبر من جهه قضاء الرب : قال لى أنت ابنى أنا اليوم ولدتك. اسألنى فأعطيك الأمم ميراثا لك، وأقاصى الأرض ملكاً لك...» وأخيراً (ع 10-12) نصيحة وتحذير الروح القدس «فالآن يا أيها الملوك تعقلوا ... اعبدوا الرب بخوف .. قبِّلوا الابن لئلا يغضب ...» .. أفليست هذه أيضاً إشارة واضحة إلى الآب والابن والروح القدس؟! ثم فى إشعياء 48 : 16 نجد ما يمكن أن نعتبره أوضح إشارة إلى أقانيم اللاهوت الثلاثة فى العهد القديم حيث نستمع إلى صوت الإبن المتجسد قائلاً (بروح النبوة) «منذ وجوده أنا هناك. والآن السيد الرب أرسلنى وروحه» فالابن كان هناك عند الآب منذ الأزل وفى ملء الزمان أرسله الآب والروح القدس أيضا ! أما إذا وصلنا إلى العهد الجديد فإننا نجد هذا الحق مُعلَناً بكل وضوح. ولقد كان مشهد معمودية المسيح هو أول إعلان صريح للثالوث. فعندما خرج المسيح (الابن) من مياه المعمودية نزل الروح القدس عليه بهيئة جسمية مثل حمامة، وصوت الآب سُمع مخاطباً الابن «أنت ابنى الحبيب الذى به سررت» (مرقس 1 : 11). ثم جاء رسم المعمودية المسيحية، بعد قيامة المسيح، هكذا «عمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس» (متى 28 : 19). ونلاحظ أنه لم يقل عمدوهم بأسماء الآب والابن والروح القدس، بل باسم، لأن الأقانيم الثلاثة هم إله واحد. والواقع أن الإشارات إلى الثالوث الأقدس فى العهد الجديد تفوق الحصر. فمثلاً فى ختام الرسالة الثانية إلى كورنثوس يقول الرسول بولس «نعمة ربنا يسوع المسيح، ومحبة الله، وشركة الروح القدس مع جميعكم، آمين.» وفى افتتاحية رسالة الرسول بطرس الأولى يرد القول «إلى المختارين بمقتضى علم الله الآب السابق فى تقديس الروح للطاعة ورش دم يسوع المسيح» وهاك بعض الشواهد الأخرى عن هذه الحقيقة بعينها ليرجع إليها القارىء العزيز إذا أراد المزيد من الفائدة: لوقا 1 : 35، يوحنا 14 : 16، 17، أعمال 4 : 29 ـ 31، 1كورنثوس 12 : 4 ـ 6، أفسس 4 : 4 ـ 6، عبرانيين 10 : 9 ـ 15، يهوذا 20، 21، رؤيا 1 : 4، 5 ... الخ. كيف ثلاثة يساوى واحد ؟ يرتبك البعض ولا يفهم كيف أقانيم ثلاثة كل أقنوم هو الله ولا يكون فى النهاية ثلاثة آلهة بل إله واحد. ويقولون أليس أبسط قواعد الحساب أن 1 + 1 + 1 = 3. نقول لهم نعم، لكن أيضاً 1 × 1 × 1 = 1 وهذا هو الحال بالنسبة للأقانيم. لقد ورد فى الكتاب قول المسيح لفيلبس «ألست تؤمن أنى أنا فى الآب والآب فىَّ» (يوحنا 14 : 10)، وعن الروح القدس ورد فى الكتاب أنه روح الآب (متى 10 : 29) وأنه روح الابن (غلاطية 4 : 6) وهذا معناه أنه فى الآب وفى الابن. وسوف نأتى على مزيد من التوضيح لهذه الحقيقة بعد قليل. الرقم ثلاثة: هل سبق لك أن فكرت فيما للرقم (3) من وضع خاص فى الكون؟ إن لم يكن قد سبق لك التفكير فى هذا الأمر فسأقدم لك بعض الأمثلة تساعدك فى ذلك. SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h هناك فى كوكبنا ثلاثة مجالات للحياة: الأرض، الجو، والبحر. وبالتالى فإن الحياة قد تكون أرضية أو جوية أو مائية. SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h وجوهر الأشياء على ثلاث صور: جماد ـ نبات ـ حيوان. SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h والمادة لها ثلاثة أحوال: صلبة ـ سائلة ـ غازية. SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h وفى قواعد اللغة لا يخرج الكلام عن أحد الضمائر الثلاثة: المتكلم والمخاطب والغائب. SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h وللمقارنات نستخدم: فوق وتحت وموازى ـ أكبر وأصغر ومساوى. SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h ثم الزمن كله هو واحد من ثلاثة: ماضى وحاضر ومستقبل SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h والإنسان كائن ثلاثى: جسد ونفس وروح. SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h الحيوانات الراقية مكونة من ثلاثة أجزاء رئيسية (رأس ـ بدن ـ ذيل)، وكذلك الأسماك. وكذلك النباتات (جذر ـ ساق ـ فرع). SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h والذرِّة أيضاً ثلاثية التكوين: بروتونات ونيوترونات واليكترونات. SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h وأول شكل هندسى مغلق هو الذى له ثلاثة أضلاع (المثلث). SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h ويلزم لكل جسم أن يكون له أبعاد ثلاثة : (الطول والعرض والإرتفاع). SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h ولتحديد نقطة فى الفراغ يلزم ثلاثة محاور (س، ص، ع). SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h والألوان الرئيسية ثلاثة هى الأحمر والأصفر والأزرق، وكل الألوان الأخرى هى مزج لهذه الألوان معاً. "أم ليست الطبيعه نفسها تعلمكم" ؟ إننا يمكننا ان نستمر أكثر في سرد هذة الامثلة لنرى كيف يضع الرقم (3) بصمته الواضحة على كل ما فينا وكل ما حولنا. لكنى أكتفى بهذا لأعود فألقى مزيدا من الضوء على ثلاثة من الثلاثيات التى مرت بنا. SYMBOL 168 \f "Symbol" \s 10 \h ذكرنا أن أى جسم يلزم أن يكون له طول وعرض وارتفاع. فهل هذه الأبعاد الثلاثة أمر حتمى؟ أيمكننا أن نضيف بعداً رابعا ؟ مستحيل. أو يمكننا الاكتفاء ببعدين ؟ الإجابة أيضا مستحيل. هب أنك استبعدت بعداً من الثلاثة وليكن الارتفاع. سيصبح عندك الطول والعرض فقط وتحصل على ما يسمى بالسطح المستوى. هذا السطح المستوى ليس شيئا واقعياً. لقد تخيل علم الرياضيات مثل هذا الشكل لكن في الواقع لا يوجد شئ بدون هذا البعد الثالث. إذاً إما ان تكون الأبعاد الثلاثة معاً وإما العدم.. أليس لهذا من دلاله ؟؟! SYMBOL 168 \f "Symbol" \s 10 \h لكننا سنخطو خطوة أبعد فى المثال الثانى. فلقد ذكرنا أن الألوان الرئيسية هى الأحمر والأصفر والأزرق .. النور الذي لا لون له، والذى لا يُرى، عندما ينكسر ينتج لنا ألوان الطيف السبعة الزاهية والجميلة، والتى هى أساساً هذه الألوان الثلاثة. الأحمر يشير إلي أشعة الحرارة، وهى أشعة غير منظورة، لكن الحرارة هى مصدر الحياة وهى لازمة لأجسادنا وإلا متنا، ولازمة للأرض وإلا فلا نُضج للثمار والمحاصيل. والأصفر يشير إلي أشعة الضوء؛ وبدون الضوء نُمسي فى ظلمة حالكة. لكن هذا الشعاع يجعلنا نري، كما ويمكننا أن نراه. والأزرق يشير إلي الأشعة الكيماوية؛ وإن كنا لا نرى هذة الأشعة لكننا ندركها من التأثير الذى تنشؤه داخل كياننا. أليس هذا فى تمام التوافق بالنسبة للمجال الروحى ؟ لقد ذكر الكتاب «أن الله نور» وأنه «لايُرى» (1يوحنا1: 5، 1تيموثاوس6: 16، 1: 17). لكن الله الذى هو نور، والذى لايُرى، ألم يعلن لنا عن نفسه؟ ألم يعلنه الوحي لنا فى الاقانيم الثلاثة الآب والابن والروح القدس؟ أما الآب والروح القدس فلا يراهما أحد. الآب هو مصدر الحياة، وحافظ الحياة. إنه المصدر الوحيد لكل الاشياء (1كورنثوس 8 :6). والروح القدس أيضا قال عنه المسيح إن العالم لا يراه (يوحنا 14 : 17) وأما بالنسبة للمؤمنين فلم يقل إنهم سيرونه (لإنه لايُرى) بل سيعرفونه. وذلك من تأثيره فيهم «لأنه ماكث معكم ويكون فيكم» أما المسيح، الابن، فلقد رآه البشر بعيونهم، وشاهدوه (1يوحنا 1:1) كما أنهم بواسطته أيضا أمكنهم أن يروا؛ كقوله «أنا هو نور العالم، من يتبعني فلا يمشى فى الظلمة بل يكون له نور الحياة» بل كان هو «النور الحقيقى» الذى أظهر حقيقة كل الأشياء (يوحنا 8: 12، 1: 9). مرة أخرى نقول أليس لكل هذا معناه ومدلوله؟ SYMBOL 168 \f "Symbol" \s 12 \h لكننا سنخطو خطوة أخرى أبعد فى المثل الثالث : لقد ذكرنا أن الزمن ثلاثي: ماضي وحاضر ومستقبل. لو كان الزمن ثنائياً فقط لما كان للزمن وجود. فلنفترض مثلاً أنه ليس هناك ماض، إذاً فما كان وجود للزمن حتي هذه اللحظة، وبعد قليل أيضاً لن يكون لهذه اللحظة التي نتكلم عنها وجود، معني ذلك أن الزمن كله قد تلاشي! أو لنفترض أنه لم يكن هناك حاضراً، هذا معناه أنه ما كان هناك لحظة علي الإطلاق كان الزمن موجوداً فيها. وبالمثل أيضاً إذا لم يكن هناك مستقبل، فإن الزمن ينتهى فى اللحظة التى نحن فيها، بل ويقيناً يكون قد انتهى من قبل ذلك.. وبالتالى لا يكون هناك زمن علي الإطلاق. إذاً إما ان يكون الزمن ثلاثياً وإلا فلا زمن!!! والآن دعنا نفكر كيف يتحرك الزمن؟ أقصد فى أى اتجاه؟ هل يتحرك من الماضي إلي المستقبل أم من المستقبل إلي الماضي ؟ الواقع إن الزمن لا يسير من الماضي إلي المستقبل، بل إنه يأتينا من المستقبل متجهاً نحو الماضي. لتوضيح ذلك دعنا نأخذ فترة الزمن التي نسميها "اليوم" أعني هذا اليوم الذي أنت تقرأ فيه هذه الكلمات. منذ زمن بعيد كان هذا اليوم فى المستقبل البعيد "العام القادم" ثم أصبح "الشهر القادم" ثم "الأسبوع القادم" ثم "الغد". وهاهو الان أصبح "اليوم" أى فى الحاضر وهكذا لابد أنه سيصبح "الأمس" ثم "الأسبوع الماضى" ثم "الشهر الماضى" ثم "العام الماضي." ومن هذا يتضح أن هذه الحقبه التي نسميها "اليوم" أتت إلينا من المستقبل إلي الحاضر إلي الماضي. الزمن دائما يسير فى هذا الإتجاه الواحد من المستقبل إلي الحاضر إلي الماضي. إذاً فالمستقبل هو مصدر الزمن، إنه الوعاء الذي يحوى الزمن الذي سيصبح فى وقت ما "الحاضر" ثم يصبح "الماضي".. إنه هو أبو الزمن، الآب ! لكن هل كون المستقبل هو أبو الزمن فهذا يعنى أنه أكبر من الحاضر، أو أكبر من الماضى؟ كلا، لأنه فى كل لحظة من الزمن كان هناك حاضراً. إن الحاضر موجود مادام الزمن موجوداً. وهكذا بالنسبة إلى الماضى. فيمكننا إذاً أن نقول إن الماضى والحاضر والمستقبل، الثلاثة متساوية تماماً، وكل واحد منها هو الزمن، الزمن كله، دون أن يعنى ذلك أنه يمكن أن يكون هناك وجود لواحد بالإستقلال عن الآخرين أعنى بدون وجود ثلاثتها. والآن تأمل فى المستقبل؛ إن المستقبل غير منظور، فالذى نراه ونسمعه ونعرفه هو الحاضر. ويظل المستقبل بالنسبة لنا مجهولاً حتى يتجسد واقعاً حياً فى الحاضر. فالحاضر إذاً هو الذى يعلن لنا المستقبل، ومن خلاله نحن نلتقى بالزمن. بواسطة الحاضر يدخل الزمن فى علاقة مع الإنسان، ويتعرف الإنسان على المستقبل. المستقبل هو الذى أرسل الحاضر، وكذلك الحاضر إذا ذهب فإنه يرسل إلينا الماضى. والماضى مثل المستقبل فى كونه غير منظور، لكنه مع ذلك يؤثر فينا جداً. هو المذكِّر وهو المعلم. إنه الذى يلقى الضوء على الحاضر فنقدِّره، وعلى المستقبل لنستعد له إذ يأخذنا الحاضر إليه. ما أقوى هذه التصويرات العجيبة. أعد التأمل فيها مرة ثانية فى ضوء الحقائق الروحية الفائقة. فالله الواحد هو أقانيم ثلاثة: الآب والابن والروح القدس. الآب الذى لا يراه أحد أرسل الابن (يوحنا 5 :37) الذى قال مرة «الذى رآنى فقد رأى الآب» (يوحنا 14 : 9). والابن إذ مضى إلى السماء، أرسل إلينا الروح القدس (يوحنا 16: 7)!!! تذييل لا بد منه : دعنا قبل الإنتهاء من هذا الموضوع نوضح أننا لا نقول إن الله ثالوث فى أقانيمه لأن النور ثلاثى، ولأن الزمن ثلاثى أو أو .. فالله لا نشبهه بشيىء. يقول الكتاب «فبمن تشبهون الله وأى شبه تعادلون به» وأيضاً «فبمن تشبهوننى فأساويه يقول القدوس» (إشعياء40: 8، 25). كلا، إن الفارق كبير وشاسع بين الخليقة والخالق لكنها مع ذلك تحمل ملامحه. لتوضيح ذلك نقول أن الخبير الذى يرى لوحة للفنان العالمى بيكاسو يدرك أنها من عمله لأن فيها تظهر شخصيته. إنه هو، بفنه، فى اللوحة التى رسمها، وفيها ظهرت بصماته. لكن اللوحة طبعا ليست هى بيكاسو نفسه. هذا تشبيه بسيط جداً لما نحن بصددة. فمع أنه لا يوجد فى كل الكون ما يشبه الله (تثنية 4 : 15 - 19). لكن هذا الكون لأنه خليقة الله، فلا عجب إن كان يظهر لنا شيئاً عنه «لأن أموره غير المنظورة (أى قدرته السرمدية ولاهوته) تُرى منذ خلق العالم، مدركةً بالمصنوعات» (رومية 1: 20). نعم إننا إذ ننظر إلى كل ما حولنا ونراه ثلاثياً، ثم نتحول إلي الإعلان الإلهى فى الوحي فنجده يتكلم عن الله الآب والابن والروح القدس، أيكون من المنطق أن نعترض؟ أيجوز لعقولنا أن تتعجب؟ كلا، بل إننا بخضوع نسجد أمام الله الذى أعلن لنا نحن الخلائق المسكينه نفسه، والذي لولا إعلانه نفسه لنا ما كان يخطر علي بالنا هذا الحق المبارك عن الله الواحد فى جوهره والثالوث فى أقانيمه. الذى له كل المجد. ثانيا : المسيح، هل هو ابن اللـه ؟ « ماذا تظنون فى المسيح ؟ » ( متي 22 : 42 ) يظن البعض أن المسيح إنسان ألَّهه المسيحيون ورفعوه إلي مقام إله، ولكن العكس هو الصحيح. فإن كل مؤمن بالكتاب المقدس يرى بوضوح قاطع أنه هو الله الذى تنازل ليصير إنساناً. فى البداية دعنا نسأل السؤال التالي: "إذا أراد الله أن يصبح إنساناً فهل يستطيع؟" الإجابة بكل يقين هى "نعم" فلا يجوز لنا قط أن نحد من قدرة الله. لكن قد يقول معترض: "إنه يستطيع كل شئ ولكن ما لزوم ذلك وما ضرورتة؟"، سأرجئ الإجابة علي هذا السؤال المهم إلي الفصل الثالث عند الحديث عن كفارة المسيح. أما الآن فدعنا نقترب بكل الوقار والخشوع لنتكلم بالإيجاز عن هذه الحقيقة التي هى اقدس بند فى بنود إيماننا الأقدس.* وإننا من البداية نريد أن نقرر هذا : ان شخص المسيح يسمو فوق أفهام البشر. إذ قيل عنه فى القديم «يدعي اسمه عجيباً» (إشعياء 9 : 6) وقال عن نفسه فى العهد الجديد «ليس أحد يعرف الابن إلا الآب» (متي 11 :27) ويؤكد الروح القدس هذا الأمر فيقول «بالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد» (1تيموثاوس 3: 16) وقبل الإتيان بالأدلة الكتابية علي أن المسيح هو ابن الله، فإننا نريد بادئ ذي بدء أن نشرح هذا الأمر الذي لا يفهمه الكثيرون أعني به: معني بنوة المسيح إن بنوة المسيح لله لا تعنى ما قد يتبادر إلى الأذهان لأول وهلة أنها بنوة بالتناسل أو التزاوج*. فالمسيحية منزهة تماماً عن ذلك الفكر الوثني. كما أنها لا تعني الاسبقية، بمعني أن الآب أسبق من الابن**، فليس فى الأقانيم سابق ولاحق، وإلا إنعدمت المساواة بين الأقانيم التى تفرضها وحدانية الجوهر. فماذا تعنى هذه البنوة إذاً ؟ إنها تعنى مدلولات روحية* هامة جداً مثل : أولاً : المحبة الفريدة : فنقرأ «الآب يحب الابن» (يوحنا 3 : 35). وهذه المحبة هى أزلية كقول المسيح للآب «لأنك أحببتنى أيها الآب قبل إنشاء العالم» (يوحنا 17 : 25). ولهذا قيل عنه أنه «فى حضن الآب» (يوحنا 1 : 18). لا بالمفهوم الحرفى والحسى طبعاً، بل بالمفهوم الروحى. كما أنه لُقِب بهذا اللقب الغالى «إبن محبته» (كولوسى 1 : 13). ثانياً : المعادلة الكاملة : إن الملائكة والبشر جميعاً هم عبيد الله، أما المسيح فلكونه «إبن الله الوحيد**» (يوحنا 3: 18) فإنه معادل لله. وهذا عين ما فهمه اليهود فى يومهم «فمن أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه لأنه لم ينقض السبت فقط، بل قال إن الله أبوه، معادلاً نفسه بالله*» (يوحنا 5 : 18 مع 19 : 7). ولهذا قيل عنه أيضا «الذي إذ كان فى صورة الله، لم يحسب خلسة أن يكون معادلاًً لله» (فيلبي 2 : 5). وقال المسيح بكل وضوح «أنا والآب واحد **» (يوحنا 10 : 30) ثالثاً : المشابهة التامة : ونظراً لتلك المشابهة التي بين الآب والابن فقد أمكن الابن أن يعلن لنا ذات الله لا بعض صفاته، كما قال لفيلبس «الذى رآنى فقد رأى الآب» (يوحنا 14 : 9). وقيل أيضاً «الله لم يراه أحد قط. الابن الوحيد الذى هو فى حضن الآب هو خبَّر» (يوحنا 1 : 18). وفى هذا ترد الآيات الآتية : «له هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضيىء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح، الذى هو صورة الله» (2كورنثوس 4 : 4). «إبن محبته.. الذى هو صورة الله غير المنظور» (كولوسى 1 : 14، 15). ولا يقال عن المسيح فقط إنه "صورة الله" بل يقال عنه أيضاً إنه «كلمة الله» (رؤيا 19 : 13) ـ أى المعبر عن الله. رابعاً : التمثيل الرسمى : ففى كل الزمان الذى قبل المسيح لم يكن ممكناً لواحد على الإطلاق أن يمثل الله تمثيلاً كاملاً كقول الرسول بولس «الله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة*» ثم يستطرد على سبيل المفارقة مع كل ما كان قديماً ليقول «كلمنا فى هذه الأيام الأخيرة فى ابنه ... الذى وهو بهاء مجده ورسم جوهره" (عبرانيين 1 : 1 ـ 3). فى مثل الكرامين الذى ذكره المسيح فى مرقس 12، قال إن صاحب الكرم (الله) بعد أن أرسل إلى الكرامين عبيداً فى أوقات متتالية، دون أن يحصل منهم على ثمر الكرم، فإنه إذ كان له ابن واحد حبيب إليه أرسله أيضاً إليهم أخيراً باعتباره ممثله الشخصى، قائلاً إنهم يهابون ابنى (مرقس 12 : 6). والآن بعد أن فهمنا معنى بنوة المسيح، هيا بنا لنتحدث عن أدلة لاهوته، وهى حقيقة عظمى، لا تفيها أكبر المجلدات حقها، إذ أنها منسوجة فى سدى ولحمة كل ما عمل المسيح وكل ما قال وكل ما سُجل عنه. لكننا سنكتفى بذكر القليل، وهو يقيناً يكفى لكل من له عين لتبصر وأذن لتسمع وقلب ليفهم. وسنقسم حديثنا فى هذا الموضوع العظيم إلى أقسام خمسة : فالمسيح له : SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h الأسماء الإلهية SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h والصفات الإلهية SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h والأعمال الإلهية SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h والأمجاد الإلهية SYMBOL 183 \f "Symbol" \s 10 \h وقيل عنه فى العهد الجديد نفس ما قيل عن "يهوه" فى العهد القديم أولاً : المسيح له الأسماء الإلهية من بين الأسماء الإلهية العديدة التى للمسيح*، نختار ثلاثة أسماء: (1) الله : فلقد قيل عنه فى العهد الجديد بصريح العبارة أنه "الله" نحو 11مرة. «فى البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله ... والكلمة صار جسداً وحل بيننا» (يوحنا 1 : 1، 14). «وأما عن الابن، كرسيك يا الله إلى دهر الدهور» (عبرانيين 1 : 8). ويرتبط بهذا الاسم العظيم أسماء أخرى مثل : "الله القدير" ضمن اسمه الخماسى المذكور فى إشعياء 9 : 6. "الله العظيم" (تيطس 2 : 13). "إلهاً مباركاً إلى الأبد" (أو الله المبارك إلى الأبد) (روميه 9 : 5). "عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا" (متى 1 : 23). "إلهى" (يوحنا 20 : 28). (2) "إبن الله" قيل عنه كذلك نحو 50 مرة فى الوحى.* وهناك نوعان من البنوة للمسيح وذلك نظراً للطبيعتين اللتين للمسيح، الطبيعة الإلهية والطبيعة الإنسانية، لكونـه ـ له المجد ـ الله وإنسان فى آن واحد معاً. فالمسيح هو ابن الله منذ الأزل، كما أنه أيضا ابن الله بولادته من المطوبة مريم، إذ لم يكن له أب بشرى. ويرتبط بهذا الاسم العظيم اسمان آخران : "الابن الوحيد" باعتباره الابن الأزلي، موضوع محبة الآب، والذى لا يشاركه آخر فى هذه النسبة. وقد ورد هذا الاسم عنه خمس مرات (يوحنا 1 : 14، 18، 3 : 16، 18، 1يوحنا 4 : 9) "البكر" وهو اللقب الذى أخذه الابن المبارك بالتجسد. ولقد ذُكر هذا التعبير عن المسيح أيضاً خمس مرات (رومية 8 : 29، كولوسى 1 : 15، 18، عبرانيين 1 : 6، رؤيا 1 : 5 ) والجدير بالذكر أن كلمة البكر لا تفيد الأسبقية زمناً، بل السمو مقاماً فلقد قيل عن داود «أجعله بكراً أعلى من ملوك الأرض» (مزمور 89 : 27). وطبعاً لم يكن داود أول الملوك من جهة الزمن (3) "الرب" وهو أكثر الأسماء شيوعاً بالنسبة للمسيح، فذكر عنه نحو 650 مرة فى العهد الجديد منها 170 مرة فى الأناجيل الأربعة. ويرتبط بهذا الاسم الكريم أسماء أخرى مثل : "رب المجـــد" (1كورنثوس 2 : 8، يعقوب 2 : 1 ). "رب الأرباب" (رؤيا 17 : 14، 19 : 16). "رب الكـــــل" (أعمال 10 : 36). "رب السبـت" (متى 12 : 8، مرقس 2 : 28، لوقا 6 : 5). "ربـــــــــــى" (لوقا 1: 43، يوحنا 20 : 28، فيلبى 3 : 8). ثانيا : المسيح له الصفات الالهية (1) كلى القدرة : هذا ما أثبتته حياته ومعجزاته العظيمة* التى نرى فيها سلطانه. 1ـ على المرض : فكان يشفى أعتى الأمراض بمجرد كلمة منه (يوحنا 5 : 8)، وكان يشفيها أيضاً من على بعد (يوحنا 4 : 50). 2ـ على الطبيعة : فبكلمة واحدة أسكت عاصفة البحر وفى لحظة صار «هدوء عظيم» (مرقس 4 : 39 ـ 41، 6 : 48 ـ 51). 3 ـ على الخلائق غير العاقلة : ثلاث معجزات أثبتت سلطانه حتى على سمك البحر السالك فى سبل المياه (مزمور 8 :8 انظر ايضاً متى 17 : 27، لو 5 : 4، يوحنا 21 : 6). 4 ـ على تسديد الأعواز : معجزة تكثير الخبز والسمك (متى 14 : 16 ـ 21، 15 : 32 ـ 38)، وتحويل الماء إلى خمر (يوحنا 2 : 3 ـ 11). 5 ـ على الأرواح الشريرة: (7 معجزات وردت بالتفصيل فى الأناجيل بالإضافة إلى الكثير من الحوادث التى أشير إليها دون تفصيل). 6 ـ على البشر : (متى 9 : 9، 21 : 2، 3). 7 ـ على الموت : فالموت الذى قهر جميع البشر قهره المسيح. ولقد كانت معجزة إقامته للعازر هى أول حادثة فيها يُقام شخص بعد ما دفن وأنتن فى القبر. لكن الأعجب من هذه المعجزة أنه أقام نفسه من الأموات، وهذا يعتبر من أقوى الأدلة على أنه الله*. (2) كلي العلم : 1 ـ فكان يعرف أسماء الأشخاص دون أن يخبره بها أحد (مثل بطرس وزكا ... انظر يوحنا 1 :42، لوقا 19 : 5). 2 ـ وكان يراهم فى أماكنهم وهم بعيدون عنه بالجسد (مثل نثنائيل : انظر يوحنا 1 : 48). 3 ـ وكان يعرف ماضى حياتهم (مثل حادثة المرأة السامرية : انظر يوحنا 4 : 18). 4 ـ وتاريخ مرضهم، الذى هو أقدم من عمره بحسب الجسد (يوحنا 5 : 6). 5 ـ وكان يعرف ما فى القلوب والأفكار (لوقا 9 : 46،47) قارن 1ملوك 8 : 39. 6 ـ وكان يعرف زيف المرائين (يوحنا 6 : 70، 71، 13 : 10، 21 ـ 25). 7 ـ وكان يعلم المستقبل، وما سوف يحدث قبل حدوثه (متى 21 : 2 ـ 4، 24 : 3 ـ 41، لوقا 22 : 9 ـ 13، يوحنا 6 : 6). فمن يكون هذا الشخص الذى قال عنه بطرس «يارب أنت تعلم كل شيىء» (يوحنا 21 : 17) ؟ نعم من يكون سوى الله؟! (3) كلى التواجد : فهو لا يخلو منه زمان كقوله لتلاميذه «ها أنا معكم كل الأيام إلى إنقضاء الدهر» (متى 28 : 20). ولا يخلو منه مكان «لأنه حيثما إجتمع إثنان أو ثلاثة بإسمى فهناك أكون فى وسطهم» (متى 18 : 20). (4) سرمدي : فهو أزلي: «فى البدء كان الكلمة» (يوحنا 1 : 1) وهذا معناه أنه عندما ابتدأ أن يكون وجود لأي شئ، لا يقول الوحي إن "الكلمة" وُجِد أو بدأ، بل "كان". مما يعني أنه قبل البدء أو بتعبير آخر هو أزلي أو كما قال له المجد عن نفسه «قبل أن يكون ابراهيم أنا كائن» (يوحنا 8 : 58). وهو أبدي: «كنت ميتاً وها أنا حي إلي أبد الآبدين» (رؤيا 1 : 18). لذلك يرد عنه أيضاً فى رؤيا 1 : 8 هذا القول العجيب «الكائن والذي كان والذي يأتي.» (5) لا يتغير : يخاطبه الله بالقول «السموات هي عمل يديك، هي تبيد ولكن أنت تبقي وكلها كثوب تبلي.. فتتغير. ولكن أنت أنت" (عبرانيين 1: 11، 12 ). ويقول عنه الروح القدس «يسوع المسيح هو هو أمسا واليوم وإلي اللأبد» (عبرانيين 1: 8). ثالثاً : المسيح له الأعمال الالهية 1ـ الخالق : هناك ثلاثه فصول فى العهد الجديد تبين لنا أن المسيح هو الخالق هى يوحنا 1، كولوسي1، عبرانيين 1. خذ مثلاً ما ورد فى كولوسي 1:16 «فإنه فيه خُلق الكل ما فى السموات وما علي الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين الكل به وله قد خلق.» أيمكن أن نبياً يقال عنه ذلك ؟ أيمكن أن إلهاً من الدرجة الثانية* يدور كل الكون وكل الخليقة حوله؟!! إن المسيح فيه خُلق الكل. والكل به وله قد خُلق. 2ـ الحافظ : «حامل كل الأشياء بكلمة قدرته» (عبرانيين 1: 3). 3ـ المحيي : «كما أن الآب يقيم الأموات ويحيي كذلك الابن أيضا يُحيي من يشاء.. تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعون يحيون» (يوحنا 5 : 21، 25). 4ـ غافر الخطايا : فى حياته قال «مغفورة لك خطاياك» لرجل (مرقس 2 : 5) ولامرأة (لو 7 : 48). وبعد موته وقيامته وصعوده أعطى هذه البركة لجماهير من المؤمنين رجالاً ونساءً (كولوسي 3 : 13). 5 ـ المخلص: «تدعو اسمه يسوع (أي الرب المخلص) لأنه يخلص شعبه من خطاياهم» (متى 1 : 21). 6ـ مُعطي الروح القدس: «الذي تري الروح نازلاً ومستقراً عليه فهذا هو الذى يعمد بالروح القدس. وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله» (يوحنا 1 : 33،34) انظر ايضاً أعمال 2 : 32، 33). 7 ـ الديان : فمع أن "الله ديان الجميع" (عبرانيين 12 :23)، لكن أى أقنوم من أقانيم اللاهوت هو الذى سيقوم بالديونة! أنه الابن «لأن الآب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن» (يوحنا 5 : 22). ويقول الرسول بولس «الرب يسوع المسيح العتيد أن يدين الأحياء والأموات» (2 تيموثاوس 4 : 1). رابعاً : المسيح له الأمجاد الالهية أجل، أليس هو موضوع الإيمان ؟ أليس هو غرض السجود ؟ فمن يكون هذا سوى الله. موضوع الإيمان : «أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بى» (يوحنا 14 : 1) لاحظ أن الرب لم يقل أنتم تؤمنون بالله وآمنوا بى، كما لوكان هناك شخصان يجب ان نؤمن بهما أو أن إيماننا المسيحى مبنى على أمرين متميزين. كلا، بل «أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بى*» أليس هذا يعنى بكل وضوح أنه هو الله ؟! ويا للبركات التى هى من نصيب كل من يؤمن بالمسيح «له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا» (أعمال 10 : 43). فى هذا الاسم الكريم ـ اسم ربنا يسوع المسيح ينال المؤمن البركات التالية : 1 ـ غفران الخطايا (1يوحنا 2 : 12). 2 ـ الخلاص (أعمال 4 : 12). 3 ـ الحياة الأبدية (يوحنا 20 : 31). 4 ـ وهو الملجأ فى زمن الضيق (أمثال 18 : 10). 5 ـ والسلوان وقت الحزن (إشعياء 26 : 8، 9). 6 ـ وإلى هذا الاسم الكريم يجتمع القديسون (متى 18 : 20). 7 ـ وبهذا الاسم الكريم يرفع المؤمنون صلواتهم فيستجيب لهم الآب (يوحنا 16 :23، 24). لو لم يكن المسيح هو الله أكان يمكن أن ترتبط باسمه كل هذه البركات ؟ لو كان هو مجرد إنسان أكان يستطيع فى يومه أن ينادى جميع المتعبين وثقيلى الأحمال أن يأتوا إليه ليريحهم (متى 11 : 28)؟ أكان يمكنه أن ينادى العطاش جميعاً أن يقبلوا إليه ليشربوا فتجرى من بطونهم أنهار ماء حى، أى الروح القدس (يوحنا 7 : 37 ـ 39)؟ غرض السجود : فى أيام تجسد المسيح قُدم له السجود (الذى لا يليق إلا بالله) فى إحدى عشرة مناسبة وردت فىالأناجيل. ونلاحظ أن المسيح فى هذه المرات قَبِل السجود، ولم يوبخ الساجدين له، مع أنه هو نفسه قال للشياطين «مكتوب للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد» (متى 4 : 10). فمثلاً سجد له الأبرص طالباً الشفاء (متى 8 : 2). وسجد له الذى كان أعمى بعد أن شفاه (يوحنا 9: 38) وسجد له التلاميذ كلهم، سواء قبل الصليب (متى 14: 33)، أو بعد القيامة (متى 28: 17). وعن قريب، عند دخوله إلى العالم مرة ثانية، ستسجد له كل ملائكة الله (عبرانيين 1: 6). كما ستجثوا باسمه كل ركبة ممن فى السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض (فيلبى 2 : 10). نعم ستجثو باسمه كل ركبة، لن يفلت أحد. هذا معناه أنك أنت أيضاً يا عزيزى القارىء ستسجد له (أنظر مزمور 72: 9، إشعياء 45 : 22، 23، 65 : 12). أفليس من الأفضل جداً يا صديقى أن تسجد له الآن؟!! خامساً : ورد عنه فى العهد الجديد نفس ما ورد عن يهوه* فى العهد القديم سنكتفى للإختصار بسبع إشارات: 1 ـ إرميا 17: 10 «أنا الرب (وبالعبرى "يهوه") فاحص القلب مختبر الكلى، لأعطى كل واحد حسب طرقه حسب ثمر أعماله» ونقرأ فى رؤيا 2 : 22 قول المسيح «ستعرف جميع الكنائس أنى أنا هو الفاحص الكلى والقلوب وسأعطى كل واحد منكم بحسب أعماله.» 2 ـ فى إشعياء 48 : 12، 13 «أنا هو (أى الكائن بذاته ـ وهو من ضمن أسماء الجلالة). أنا الأول وأنا الآخر. ويدى أسست الأرض ويمينى نشرت السموات» انظر أيضاً إشعياء 44: 6 ويقول المسيح 4 مرات فى سفر الرؤيا «أنا هو الأول والآخر» (رؤيا 1 : 11، 17، 2 : 8، 22 :13). 3 ـ فى أمثال 30 : 4 يقول أجور فى أحجيته عن الله القدوس «من صعد إلى السموات ونزل؟» ويقول المسيح فى يوحنا 3 : 13 «ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذى نزل من السماء إبن الإنسان الذى هو فى السماء.» 4 ـ فى مزمور 68 : 18 يخاطب داود الرب الإله قائلاً «صعدت إلى العلاء سبيت سبياً.. أيها الرب الإله» فيقتبسها الرسول بولس عن المسيح فى أفسس 4 : 8 «لذلك يقول : إذ صعد إلى العلاء سبى سبياً وأعطى الناس عطايا.. الذى نزل هو الذى صعد.» 5 ـ فى إشعياء 6 : 1 ـ 10 يتحدث إشعياء عن السيد، الملك، رب الجنود عندما رأى مجده وتكلم عنه، فيقتبسها يوحنا الرسول فى إنجيله مطبقاً إياها على الرب يسوع (يوحنا 12: 38ـ41). 6 ـ فى إشعياء 45 : 22، 23 يتكلم الله قائلاً «بذاتى أقسمت.. لى تجثو كل ركبة ويحلف كل لسان» فيطبق الرسول بولس هذا الكلام مرتين على المسيح فى رومية 14: 11، فيلبى 2: 10، 11. 7 ـ فى مزمور 97: 1، 7 إشارة لسجود جميع الآلهة للرب (يهوه) فيقتبسها الرسول بولس فى عبرانيين 1: 6 عن المسيح عند دخوله مرة ثانية إلى العالم إذ ستسجد له جميع ملائكة الله. والآن، هلازلت مرتاباً ؟ بعد هذه الأدلة الصريحة والكافية لا أعتقد أن أحد المخلصين فى بحثهم عن الحق سيظل فى شك. لكننى أتصور شخصاً يقول: إننى فى حيرة، لأن هناك ـ بالإضافة إلى كل ما ذكرت ـ آيات كثيرة فى الكتاب المقدس تتحدث عن المسيح بإعتباره إنساناً، وبالتالى أنه أقل من الله. بل إن هناك تناقضات فى نفس أقوال المسيح ؛ فتارة يقول «أنا والآب واحد» وتارة أخرى يقول «أبى أعظم منى» (يوحنا 10: 30، 14: 28). أليس هذا غير مفهوم ؟ ثم عندما يقول المسيح «دفع إلىَّ كل سلطان» (متى 28 : 18) أليس هذا دليلاً على أنه أقل ممن دفع السلطان إليه ؟ الإجابة إنه لا توجد فى كلام المسيح متناقضات. بل كل ما هنالك أن المسيح لإجل فدائنا من الموت واللعنة (كما سنشرح فى موضوع الكفارة) قَبِل أن يتخلى طوعاً عن مجده الظاهر (فيلبى 2 : 7)، وسمح لنفسه أن يولد من امرأة تحت الناموس (غلاطية 4 : 4)، وأن يوضع قليلاً عن الملائكة (عبرانيين 2 : 9) وأن يصبح إنساناً (يوحنا 8 : 40). هذا هو السبب فى أنه أحياناً يتكلم عن مساواته للآب، فهذا هو مركزه الأزلى فى الثالوث، وأحياناً أخرى يتكلم عن نفسه كمرسل من الله لإتمام الفداء. إسمع ماذا يقول الكتاب عنه "إذ كان فى صورة الله (هذا ما كانه منذ الأزل)، لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله (لأنه هو الله فعلاً)، لكنه أخلى نفسه، آخذاً صورة عبد، صائراً فى شبه الناس (وذلك كى ما يموت) ... موت الصليب" ! (فيلبى 2 : 6 ـ 8). لأجلك أيها الصديق العزيز إتضع ابن الله. ولكى‎ےےے‚ƒ„…†‡ˆ‰ٹ‹Œچژڈگ‘’“”•–—ک™ڑ›œ‌‍ں ،¢£¤¥¦§¨©ھ«¬­®¯°±²³´µ¶·¸¹؛»¼½¾؟ہءآأؤإئابةتثجحخدذرزسشصض×طظعغـفقكàلâمنهوçèéêëىيîï‏ےےے‏ےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےےے ما يفديك قَبِل أن يأخذ مكانك، ويموت فوق الصليب ... أبعد هذا ترفضه أو تحتقره؟! إنه هو الله .. إنه العظيم .. لكن نعمته العجيبة هى التى أتت به إلينا «فإنكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح أنه من أجلكم افتقر وهو غنى لكى تستغنوا أنتم بفقره» (2كورنثوس 8 : 9). أليس عجيباً أن ما كان ينبغى أن يجعلك تحبه أكثر، ها هو الشيطان ـ عدو المسيح وعدوك ـ يريدك لأجله أن تحتقره وترفضه ؟! فاحذر مما أنت فاعله! واعلم أن مصيرك الأبدى يحدده موقفك من المسيح إنه «حجر امتحان» (إشعياء 28 : 16). فما هى إجابتك على هذا السؤال ؟ ومع أنه فى تواضعه حجر صدمة وصخرة عثرة (إشعياء 8 : 14، 1بطرس 2: 8)، لكن من يسقط على هذا الحجر (أى يحتقره لتواضعه) يترضض. وأما من يسقط عليه هذا الحجر (فى يوم الدينونة القريب)، فإنه سيسحقه (متى 21 : 44). ثم اعلم أيضاً أن مجرد إعجابك بشخصية المسيح لن ينفغك. كلا، ليس الإعجاب هو المطلوب بل الإيمان. قال المسيح «إن لم تؤمنوا أنى أنا هو (الله الذى ظهر فى الجسد) تموتون فى خطاياكم» (يوحنا 8 : 24). أتؤمن إذاً ؟ بل حتى اقتناعك العقلى والذهنى بكل ما قيل لن يفيدك كثيراً. أنت بحاجة لأن يشرق الله فى قلبك فتعرف من هو يسوع، ولأى سبب أتى هو إلى العالم. أنت بحاجة إلى إيمان حقيقى بالقلب. «أتؤمن بإبن الله؟» (يوحنا 9 : 35). ليتك تفعل مثل ذلك الذى كان أعمى فأبصر، الذى جاوب المسيح على سؤاله السابق بالقول «أؤمن يا سيد، وسجد له» فهلــم بالسجـــودقدسوا رب الجنود بخشــوع مستـديـمفهو السيد العظيــم  الموضوع الثالث كفارة المسيح "إيماننا المسيحي يتلخــــــص فى هذه الكلمات الثلاث ؛ المسيح مات لأجلي " (تشارلس سبرجن ) القضية الثالثة التي سنبحثها هى قضية كفارة المسيح. وكثيرون لا يفهمون الإيمان المسيحي ويتعثرون أمامه بسبب مسألة الكفارة فالمسألة هذه المرة أعقد أمام التفكير البشرى من سابقتها فليس فقط أن الله تجسد، بل أنه إذ تجسد فقد صُلِبَ ومات ودفن !! كيف يكون ذلك ؟ لكننا لكي نفهم الفكر الكتابي بخصوص هذه المسأله فإنه يلزمنا أن نبدأ القضية من بدايتها لنسأل : ما هى الخطية ؟ تعال معي فى هذه الجولة السريعة لنعرف ما هى الخطية ؟ أيمكنك أن تتتبع نهر الدموع التي سالت من المـآقي علي مر العصور بسبب موت القريب والحبيب؟ أو يمكنك أن تلقي نظرة علي المدافن فى كل زمان ومكان، وأن تري النفوس التي تلوعت والقلوب التي تحطمت عندها؟! تحول الآن عن الموت ولونه الأسود، لكي تتأمل فى الحروب وصبغتها الحمراء. تأمل القتلي والمشوهين، والأسري والمجروحين. تأمل الدمار والخراب لكل ما كان يوما ينبض بالحياة ! خذ جولة سريعة حول الأسِرَّة البيضاء. أدخل المستشفيات وقابل المرضي. انظر وجوههم الشاحبة والموت يتسرب إلي أجسادهم ببطء لكن بثبات. إستمع إلي أنين المطروحين وتأوهاتهم وصرخاتهم! هذه كلها ثمرات الخطية المُرة ! زر السجون والتق بمن فيها. استمع الي ما عملوه فى المجتمع وما عمله المجتمع فيهم! وماذا عن الحانات والمراقص ودور الفجور ونوادي القمار. بل ماذا عن بيوت مرتادي هذه الأماكن ؛ البيوت المحطمة ومن فيها من نسوة وبائسات وأولاد تعساْ وأزواج أو آباء محطمين. آه ما اكثر البؤساء والمعذبين فى الأرض، بل ما أمر الخطية ونتائجها ! لكن هل أنت بعد كل هذا قد عرفت ما هى الخطية ؟ كلا، فأنت لم ترَ إلا مظاهرها الخارجية. لقد شاهدت بعضاً من أعراض المرض لا المرض ذاته. أيمكنك أن تدخل إلي القلوب لتري كيف أفسدتها الخطية تماما. نعم فإن الداء غائر فى القلب، والضربة أعمق من الجلد* ! لكنك حتى لو دخلت إلى قلوب لترى ما فعلته الخطية فى بنى البشر، فليس هذا هو الجزء الأهم فى المسألة. إن الخطية هى قبل كل شئ واقعة ضد اعتبارات مجد الله. إن الخطية إهانة لمجد الله. إن تعريف الخطية هو عدم إصابة الهدف. أما الهدف الذى كان مطلوباً منا أن نصيبه فأخطأناه، فهو مجد الله. فالله خلق الإِنسان لمجده (إشعياء 43 : 7). كان ينبغى لنا إذ عرفنا الله أن نمجده (رومية 1 : 21). لكن هذا لم يحدث «الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله» (رومية 3 : 23). إنك إن لم تنظر إلى الخطية بهذه النظرة فلن يمكنك فهم الكفارة. ينبغى قبل أن تبحث عن حل للمشكلة أن تعرف أولاً حقيقة المشكلة. فالخطية هى ضد مجد الله كما قال داود النبي للرب «إليك وحدك أخطأت، والشر قدام عينيك صنعت» (مزمور 51 : 4). آه، ما أخطر أن تفعل الخطية أمام عينى الله، ذاك الذى عيناه أطهر من أن تنظر الشر ولاتستطيع النظر إلى الجور (حبقوق 1 : 13)! نعم إن الخطية بشعة بشعة. بشعة فيما عملته معنا وفينا. لكنها أبشع بما لايقاس فى عينى الله وفى نور قداستة. هذا يقودنا إلى النقطة التالية أعنى بها: معنى الكفارة الكلمة لغوياً تعنى الستر. يقال كَفَرَ الشئ أى ستره وغطاه. والأمر الذى يحتاج إلى ستر فى مسألتنا هى خطايانا، وبتعبير أدق حالتنا الخاطئة، من أمام نظر الله. لنعد إلى الخطية الأولى، خطية أبوينا الأولين فى الجنة. نقرأ فى سفر التكوين والأصحاح 2 كيف خلق الله الإِنسان، وكيف اختصه دون باقى مخلوقاته بنسمة الحياة التى بها أصبح فى توافق مع الله، بحيث يمكنه أن يعبده عبادة واعية. وكيف أعطاه الله السلطان والسيادة على كل الخليقة، ولقد تجلى سلطانه هذا على كل المخلوقات عندما أحضر الله إليه كل الحيوانات وكل الطيور ليدعوها باسمها. لكن الله أعطاه أيضاً وصية واحدة امتحاناً له، ليثبت بها تقديره لفضله عليه وامتنانه على نعمته. فما الذى حدث؟ لقد جاء الشيطان مستخدماً الحية (تكوين 3)، وهمس فى أذن حواء بكلام سام مضمونه: أولاً إن الله كاذب. ألم يقل لكما إنكما إذا أكلتما من الشجرة ستموتا. الحقيقة أنكما "لن تموتا." ثم إنه ليس عادلاً، وإلا فلماذا يسلبكما حرية التصرف ويمنعكما من التسلط على هذه الشجرة مع أنكما رأسا الخليقة؟! ثم هو أيضاً لا يحبكما. لو كان يحبكما حقاً أكان يحرمكما من التمتع بشئ؟ «بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه (أى ثمر هذه الشجرة) تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر» والله لا يريدكما نظيره، بل أن تظلا أقل منه! هذه هى كلمات الحية للمرأة. وبكل أسف صدقت المرأة هذا كله، وأكلت وأعطت رجلها أيضاً فأكل. وحدثت الكارثة «فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان.» ماذا كانت أولى محاولات الإنسان فى الجنة بعد أن سقط فى الخطية وتعرى؟ يقول الكتاب «فخاطا (أى آدم وحواء) أوراق تين، وصنعا لأنفسهما مآزر» لتغطية عريهما. بكلمات أخرى هما حاولا إصلاح ما أفسداه، وعلاج ما اقترفته أيديهما، لكن هيهات! صحيح إنهما نجحا إلى حد ما فى مداراة نتائج الخطية أحدهما عن الآخر، لكنهما ما أن سمعا صوت الرب ماشياً فى الجنة فانهما اختبئا خلف أشجارها. ولما نادى الربُّ آدم قائلاً له «أين أنت؟» كانت إجابته الأسيفة «سمعت صوتك فى الجنة فخشيت، لأنى عريان فاختبأت.» أين إذاً مآزر ورق التين التى كان قد عملها آدم وحواء؟ بالأسف إنها لم تُجدِ نفعاً أمام الله. إن أوراق التين وأشجار الجنة دلت على شعور أبوينا بالخزى، وحاجتهما للستر. لكنهما أثبتا فشل محاولة علاج الخطية وسترها من أمام نظر الله. فهل تقدر الخليقة أن تستر المخلوق عن نظر خالقه؟! الكفارة فى الذبيحة لم تنته حادثة السقوط بالإنسان عارياً، فلقد تداخل الله بنفسه لعلاج الأمر. ليس آدم هو الذى قدر أن يستر نفسه، لكن الله هو الذى فعل ذلك؛ إذ لا تُختتم قصة السقوط قبل أن نقرأ: «صنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما.» من أين أتى الله بالجلد؟ من حيوان ذُبح وسُلخ جلده. ما أجمل القول «صنع الرب.. أقمصة» ثم تقدم الرب بنفسه من الإنسان الخاطىء العارى لكى يستره ويكسوه. وياللنعمة التى تشع من هذه الكلمة الصغيرة البسيطة "وألبسهما" !! حقاً كم هو عجيب أنه فى مشهد الخطية الأولى فى الجنة، تلك الخطية التى كانت تقضى عدلاً بموت أبوينا. فإنه لم يكن موتهما هو أول حادث يحدث بعد خطيتهما. كلا، ليس آدم وحواء هما أول من ماتا، بل كان حيوان برئ لم يخطئ هو الذى ذبح ومات بدلهما. وتم ستر آدم وحواء بجلد الذبيحة، ونجا آدم وحواء بجلدهما. وسوف نوضح فيما بعد أن هذه الذبيحة لم تكن إلا رمزاً بسيطاً لعلاج الله العظيم، وفدائه الذى كان عتيداً أن يجريه بذبح عظيم. لكننا الآن نلخص الدروس التى تعلمناها من خطية الإنسان الأول حسبما ورد فى تكوين 3. أولاً : حاجة الإنسان إلى الكفارة. ثانياً : عدم استطاعة الإنسان التكفير عن نفسه. ثالثاً : قيام الرب بنفسه بعمل الكفارة للإنسان. ولعل واحداً يتساءل: أما توجد طريقة أخرى للاقتراب إلى الله بدون هذه الكفارة؟ أما يمكننا أن نستر خطايانا عن نظر الله بأعمال التقشف والزهد، أو حتى إذلال الجسد؟ أتقدر الطقوس أو الممارسات الدينية المتنوعة أن تكفر عنا؟ ماذا عن الأعمال الصالحة وأعمال الخير؟ هذا يقودنا إلى السؤال الهام التالى: هل تصلح الأعمال للتكفير ؟ لقد كانت محاولة آدم وحواء تغطية عريهما بأوراق التين هى أولى محاولات البشر لعلاج الخطية بالأعمال. وكل ممارسات الإِنسان الدينية فيما بعد من طقوس متنوعة وفرائض مختلفة، وكل محاولات إرضاء الله بالأعمال إنما هى إعادة المحاولة لستر العورة بورق التين، أى لا جدوى منها على الإِطلاق. يقول إشعياء النبى فى هذا الصدد «صرنا كلنا كنجس وكثوبِ عِدةٍ (أى خرق نجسه) كل أعمال برنا» (إشعياء 64 : 6). هذه هى أعمال برنا فى ضوء قداسة الله، خرق نجسة. أتصلح تلك الخرق القذرة أن يَمْثُل فيها الإنسان أمام الله القدوس؟! هناك حادثة فى سفر التكوين أصحاح 4، أى فى بداية البشرية، ترينا فكر الله فى هذه المسألة. ففى هذا الأصحاح نقرأ عن أول متدين أراد الاقتراب إلى الله. إنه قايين المتدين الأول، والقاتل الأول كذلك!! لكن قايين هذا لم يقترب إلى الله على أساس الذبيحة، كما فعل هابيل أخوه، وبذلك فإنه تجاهل حالة السقوط التى هو فيها إذ قد وُلد من أبوين خاطئين. بل لقد اقترب قايين إلى الله على مبدأ الأعمال، مقدماً لله قرباناً من تعب يديه، فرفضه الله كما رفض قربانه. ونصحه أن يُحْسن الطريق (أى أن يقترب إليه بالذبيحة) كيما يقبله. وكما رفض الله محاولة قايين الاقتراب إليه بثمر الأرض الملعونة وتعب يديه لأنه خاطئ، هكذا أيضاً مصير كل محاولات الإِنسان التكفير عن نفسه بالأعمال. لكن لماذا لا تصلح أعمالنا (الصالحة) للتكفير عن ذنوبنا؟ الواقع أن هناك أربعة أسباب رئيسية لذلك : 1ـ أن الأعمال الصالحة التى نقوم بها، مهما عظمت، قيمتها محدودة لأنها صادرة من الإِنسان المحدود. بينما حق الله الذى أسئ إليه بسبب الخطية لا حد له. والمحدود لا يمكن قط أن يغطى غير المحدود. 2ـ أن هذه الأعمال الصالحة (إذا كان بوسعنا حقاً أن نعملها) ليست تفضلاً منا على الله، بحيث نستحق الجزاء عليها. بل هى واجب علينا، والتقصير فيه يستوجب العقاب. 3ـ «لأن أجرة الخطية هى موت» (رومية 6 : 23)، وليست أعمالاً صالحة. فكما لا يصلح أن يتعهد القاتل أمام المحكمة بأنه تاب ولن يعود إلى القتل مرة أخرى، وأنه يتعهد مثلاً أمام المحكمة ببناء ملجأ للأيتام مقابل أن تسامحه المحكمة، هكذا لاتصلح الأعمال أن تكون مقابل أجرة الخطية وهى الموت. 4ـ لأن الأعمال التى نقول نحن عنها إنها صالحة، ليست هى كذلك فى نظر الله، بل إنها ملطخة بنقائص وعيوب الطبيعة البشرية الساقطة. تذكّر قول النبى إشعياء «كثوب عدة (أى خرق نجسة) كل أعمال برنا» إذاً فمن يتجاهل تعليم الكتاب المقدس الصريح بهذا الخصوص، ويصر على الاقتراب إلى الله بأعماله، فإنه يتبع قايين فى طريقة، طريق الأعمال، إذ يظن أن الإِنسان إذا عمل أفضل ما عنده فإنه بذلك ينال القبول عند الله. وبالأسف الشديد يوجد اليوم الملايين، فى كل العالم، الذين يتبعون قايين فى طريقة، وعنهم تقول كلمة الله «ويل لهم لأنهم سلكوا طريق قايين» (يهوذا 11). لا مفر إذاً من الطريق الذى رسمه الله، فالأعمال لا تصلح للتكفير، إنها طريق قايين المرفوض. والعلاج فى الذبيحة، الكفارة بالذبيحة. لكن أى ذبيحة؟ هل تقدر الذبيحة الحيوانية أن تفدى إنساناً، أى إنسان؟ هذا يقودنا إلى السؤال التالى : لماذا الذبائح الحيوانية ؟ غنى عن البيان أنه كما لا تصلح الأعمال الصالحة فى التكفير عن الإِنسان فهكذا أيضاً لا تصلح الذبائح الحيوانية للكفارة فهى من زاوية معينة تعتبر نوعاً من الأعمال التى يمكن للإِنسان أن يعملها (أنظر مزمور 50 : 7 ـ 15، 51 : 16، 17). وكما ذكرنا عن الأعمال الصالحة مهما عظمت فهى محدودة، هكذا الذبائح الحيوانية، إذ كيف يمكن للبهائم التى تُباد أن تفدى الإِنسان الخالد من الموت الأبدى؟ لهذا ترد كلمات الرسول بولس القاطعة فى عبرانيين 10 : 4 «لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا.» إذا كان ذلك كذلك، فلماذا أمر الله بتقديم الذبائح الحيوانية فى العهد القديم؟ الإجابة لأن الله فى العهد القديم، عهد الظلال والرموز، أراد أن يعلم شعبه أربعة مبادئ أولية هامة. أولاً : أراد استحضار الخطية إلى ذهن وضمير شعبه ليتعلموا كراهية الرب لها. ثانيـاً : ليتعلموا أن قضاء الله على الخطية هو الموت وليس أقل من ذلك. ثالـثاً : ليعرفهم أن عند الله طريقة بالرحمة لرفع الخطية، وأنه سيمكن العفو عن الجانى بهذه الطريقة. رابعاً : ليعطى شعبه بعض الإِدراك عن هذا العمل العظيم؛ الكفارة، وعن عظمة وكمالات الشخص المجيد صانع الكفارة؛ الفادى الذى كان معروفاً سابقاً قبل تأسيس العالم (1بطرس 1 : 18). حيث أن هذه الذبا~ح المتنوعة، فى كل تفاصيلخا الدقيقة، ماهى إلا رمز لذبيحة المسيح الواحدة والكاملة. بالإِضافة إلى ماسبق، فإنه يمكن القول إن تلك الذبائح الدموية الحيوانية كان لها قيمة فى العهد القديم، وبررت من قَدمها بالإِيمان (عبرانيين 11 : 4)، لا لأنها فى ذاتها لها أية قيمة، بل فقط لأنها كانت تشير إلى ذبيحة المسيح المعروف سابقاً قبل تأسيس العالم (1بطرس 1 : 18). ومن هذه الزاوية فإنها كانت تشبه إلى حد ما العملة الورقية التى نتعامل بها اليوم. إن القيمة الحقيقية لهذه العملة ليس فى ذاتها قط، بل لما لها من رصيد ذهبى فى البنك المركزى للدولة. هكذا كانت تلك الذبائح مقبولة عند الله لأن لها رصيداً فى دم المسيح الذى وإن لم يكن قد مات بعد، لكن الله ليس عنده ماضى وحاضر ومستقبل نظير البشر؛ فهو يرى النهاية من البداية. هذا يأتى بنا إلى السؤال الجوهرى التالى : الفادى . من هو ؟ يمكننا أن نستخلص من كلمة الله الشروط التالية للفادى. 1 ـ يجب أن يكون خالياً من الخطية. فهو لو كان خاطئاً لاحتاج هو نفسه لمن يكفر عنه وما صَلُح لكى يفدى غيره. ولهذا فكان فى الرمز يلزم أن تكون الذبيحة بلا عيب. 2 ـ ألا تقل قيمته عن الإِنسان ليمكنه أن يكفر عنه، أى يغطيه ويستره. وعليه فلا تنفع ذبيحة حيوانية. 3 ـ لكن لأنه لا يفدى إنساناً واحداً بل كثيرين، فيجب أن تكون قيمته أكبر من هؤلاء الكثيرين. وعليه فلا ينفع أن يكون إنساناً عادياً. 4 ـ ثم يجب ألا يكون مخلوقاً. فهو لو كان مخلوفاً لا تكون نفسه ملكه هو بل ملك الله خالقها، وبالتالى فلا يحق له تقديم نفسه لله. وعليه فإن الملائكة ورؤساء الملائكة لا يصلحون، لأنهم مخلوقون من الله. 5 ـ ولكى يمكنه أن يُمثِّل الإِنسان أمام الله، يتحتم أن يكون إنساناً وبهذا وحده يمكن أن يكون نائباً عنه، وأن يمثله أمام الله. فيالها من معضلة! من أين لنا بمثل هذا الشخص العجيب الذى يجمع كل هذه المواصفات معاً؟! إنسان، خالى من الخطية، غير مخلوق، وقيمته أكبر من كل البشر مجتمعين!! لكن إن لم يكن عندنا نحن البشر حل لتلك المعضلة، ألا يوجد عند الله حل ؟ قال أليهو -وهو واحد من أصحاب أيوب- «إن وجد عنده (عند الله) مرسل، وسيط، واحد من ألف ليعلن للإِنسان استقامتة (أى استقامة الله أو بر الله)، يتراءف عليه ويقول أُطلقه عن الهبوط إلى الحفرة. قد وجدتُ فدية» (أيوب 33 : 23 ـ 28). فهل وُجد مثل هذا الشخص عند الله؟ نعم، يقول الرسول: «عالمين أنكم أفتديتم».. ثم يذكر لنا من هو الفادى «المسيح معروفاً سابقاً قبل تأسيس العالم.» (1بطرس 1 : 19، 20). إذاً فحل تلك المعضلة، معضلة "من هو الفادى ؟" ليس عند الناس بل عند الله. نعم، فمن عندِه أتى المرسل، الوسيط، الذى سبق أن تمناه أيوب عندما صرخ قائلاً «ليس بيننا مصالح يضع يده على كلينا» (أيوب 9 : 33)! وإذا كان هذا المُصالح يمكنه أن يضع يده على الله والناس فى آن واحد، فهذا معناه أنه معادل لله ومعادل أيضاً للناس. فمن ياتُرى يكون هذا الشخص ؟ إنه شخص فريد ليس له فى كل الكون نظير (رؤيا 5 : 2ـ5)، إنه الرجل رفيق رب الجنود (زكريا 13 : 7). إنه الابن الأزلى الذى صار ابن الإِنسان !! لو لم يكن هو الإِنسان لما أمكنه أن يكون نائباً عن الإِنسان؛ يحمل خطاياهم ويحتمل دينونتها بالنيابة عنهم. ولو كان هو أقل، ولو قيد شعرة من الآب، لما أمكنه قط أن يفى الله كل حقوقه. إذاً فالمسيح هو الفادى الوحيد. لكن هل المسيح بحياته وتعاليمه ومعجزاته أمكنه أن يفدينا أم كان يلزم شئ آخر. هذا يقودنا إلى نقطة هامة جداً. الــــــــــــدم لكلمة الدم فى الكتاب المقدس مكان بارز إذ وردت فيه 427 مرة. وتتفق شهادة الكتاب كله سواء فى العهد القديم أو الجديد فى أنه لا كفارة بدون الدم. ليس الدم الجارى فى الشرايين، بل الدم مسفوكاً «لأنه بدون سفك دم لاتحصل مغفرة» (عبرانيين 9 : 22). من أهم الفصول التى تتحدث عن هذا الأمر (خروج أصحاح 12) الذى يتحدث عن الليلة التى فيها خرج الشعب من بيت العبودية فى مصر بعد ذبح خروف الفصح. ماذا طلب الرب منهم فى تلك الليلة كيما ينجو الأبكار ؟ لقد قال «يأخذون لهم كل واحد شاة.. صحيحة.. يذبحه كل جمهور الجماعة ويأخذون من الدم ويجعلونه على القائمتين والعتبة العليا. ويكون لكم الدم علامة على البيوت التى أنتم فيها فأرى الدم وأعبر عنكم.» إذا ما الذى كان يحميهم فى تلك الليلة من ضربة الهلاك؟ الإِجابة "الــــدم" الله لم يطلب منهم أن يعملوا حصراً بأعمالهم الصالحة، ولا بممارساتهم الدينية ويعلقوها على أبواب بيوتهم.. فالخلاص ليس فى هذه الأشياء، بل «أرى الدم وأعبر عنكم.» وقف يشهد عن إيمانه بالمسيح شخص كان قبلاً يهودياً فقال : ولدت فى فلسطين منذ نحو 70 عام مضت. تعلمت منذ طفولتى أن أقرأ التوراة، واعتدت مبكراً على حضور المجامع لكى أستمع من الرابيين (أى معلمى الشريعة) إلى التعاليم اليهودية. وكنت أظن وقتها ـ حسبما لقنوه لى ـ أن ديانتنا هى الديانة الوحيدة الصحيحة فى العالم. وعندما كبرت وابتدأت أدرس التوراة بنفسى، صدمتنى تلك الحقيقة التى لم ينبهنى أحد من الناس إليها، أعنى المكانة الهامة جداً التى للدم فى كل الممارسات والأوامر الإِلهية فى أسفار التوراة المقدسة. قرأت المرة تلو المرة سفر الخروج أصحاح 12. وتوقفت كثيراً عند سفر اللاويين 16 ولما وصلت إلى الأصحاح السابع عشر من سفر اللاويين إضطربت كل الاضطراب من هذه الآية التى لم أتمكن من الافلات منها فى نهارى وليلى «لأن الدم يكفر عن النفس»‍! كنت أعلم أنى فى حاجة إلى كفارة ـ فأنا فى الأعماق خاطئ نجس رغم كل قشور التدين السطحية. وهاهى التوراة تقول بأسلوب لا لبس فيه و لا غموض أن الكفارة هى فى الدم و لا شئ سوى الدم. أين لى بذلك الدم؟ ذهبت بحيرتى هذه إلى أحد الرابيين الكبار أستفسره. فأجابنى بأن الله اليوم غاضب على شعبه، والهيكل ـ وهو المكان الوحيد المسموح لنا فيه أن نقدم ذبائحنا ـ مهدوم من آلاف السنين. هذا هو سبب خلو عبادتنا من الدم. ويوم يُبنى الهيكل من جديد سوف نعود إلى الذبائح. لكننا نستعيض اليوم عن ذلك بتعاليم التلمود وباقى الممارسات. لم أقتنع بإجابة الرابى هذه، إذ كيف يستعيض عن أمر جوهرى كهذا بتعاليم وأقوال الناس؟ من ثم ذهبت إلى كثيرين غيره من المعلمين لعلى أجد لديهم إجابة على حيرتى : "كيف يمكننى الحصول على الكفارة ؟." فلم أجد. ولما بلغت الثلاثين من العمر هاجرت إلى أمريكا دون أن يفارقنى القلق أو يهدأ بالى من جهة خطاياى! وذات ليلة لا أنساها، وأنا أسير فى شوارع المدينة التى هاجرت اليها قرأت لافتة فهمت منها أنه مكان لاجتماع اليهود. دفعنى الفضول إلى أن أدخل المكان مع أن الاجتماع كان قد بدأ. وما أن جلست فى مكانى حتى سمعت المتكلم يقول «دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية» (1يوحنا 1 : 7). شدتنى عبارة "الدم" فهى تلك التى كنت أبحث عنها طوال السنين الماضية، فاستمعت بكل جوارحى للرجل فإذا به يقرأ من الرسالة إلى العبرانيين الآية الواردة فى أصحاح 9 : 22 «بدون سفك دم لا تحصل مغفرة» وأخذ الرجل يشرح كيف أن كل ذبائح العهد القديم إنما كانت ظلاً ورمزاً لذلك الحمل المعروف قبل تأسيس العالم، والذى بدمه قد افتدينا (1بطرس 1 : 18 ـ 20) وكيف أن الله فى "ملء الزمان" أرسل ابنه الوحيد ليموت نيابة عنا. وكيف سفك ذلك الابن الكريم دمه لفدائنا، وأنه «بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبدياً» (عبرانيين 9 : 12). كانت ليلة فاصلة بالنسبة لشيخنا العجوز. فخرج ليلتها من الاجتماع ولسان حاله يقول : قد محا عند الصليبْوعن القلب الكئيبْ  دمُ ربى إثمــــــــــــــــــــى زال كلُ الـهـــــــــــــــــمِ  وأمكنه أن ينضم إلى ربوات المفديين المرنمين. لما رأيت سيل ذلك الدمقد صار حب مــن فدى  وهو دمُ المعروفِ منذ القدمموضوع سبحــــى أبــــــدا  عزيزى. لقد أنهى ذلك الرجل قصته. أما أنت فلم تنه قصتك بعد. ويمكنك أن تضيف إليها أهم فصولها؛ إن وضعت ثقتك الآن فى المسيح، وفى دمه الذى يطهر من كل خطية. لقد سُفك الدم الكريم لأجل الخطاة أمثالنا. والله قد أكتفى تماماً. وكل المطلوب منك أن تأتى إلى الله مؤمناً فى شخص المسيح الذى مات عنك فتنعم بغفران خطاياك والحياة الأبدية. هل هذا التعليم منطقى ؟ نعم، إنه منطقى تماماً. لأنه إن كان الله قد حدد الموت، من البداية، عقوبة التعدى على أقواله إذ قال لآدم «يوم تأكل منها (أى شجرة المعرفة) موتاً تموت» (تكوين 2 : 17). ثم عاد وكرر الأمر بعد السقوط، فقال حزقيال النبى «النفس التى تُخطئ هى تموت» (18 : 4) بل وحتى فى العهد الجديد يذكر الرسول بولس نفس هذا الأمر فى رومية 6 : 23 «أجرة الخطية هى موت» فكيف يمكن التنصل من الموت؟ وإذا كانت هناك مسامحة للخاطئ وغفران لخطاياه، فكيف يمكن أن يتأتى ذلك إن لم يأتِ شخص آخر يحمل عقوبة الموت بدلاً منه؟ أيمكن أن يغيِّر الله أقواله؟ أتجد لسُنَّة الله تبديلاً؟ أيقول الله شيئاً ثم يعود ويتصرف بعكس ما قال؟ محال... محال تماماً. أم أنه يبدو فكراً غريباً عليك أن نحصل على الحياة الروحية عن طريق موت آخر بدلاً عنا! كلا، انه ليس غريباً، وإلا فتفكّر كيف تحصل على حياتك الطبيعية، وكيف تحافظ على هذه الحياة؟ أما هى تتغذى بالموت؟ فحيوان أو طائر يذبح ويُسفك* دمه ويموت كيما يمدك بالطعام. وكأن الله، جلت حكمتة، قصد أن يجعلنا نعايش هذا الفكر كل يوم، ونمارسه باستمرار. أن حياتنا الطبيعية تتغدى على الموت. ومن الموت تنبع الحياة. فإذا كانت حياتنا الروحية أيضاً كذلك، أيحق لنا أن نعترض؟ أم يجوز لنا إن نستغرب؟ أليس هذا نفسه ماكان يعنيه الرب عندما قال اليهود «الحق الحق أقول لكم إن لم تأكلوا جسد ابن الإِنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم» (يوحنا 6 : 63)؟ وكان يقصد من ذلك الكلام الروحى، الإيمان بشخصه مائتاً على الصليب مبذولاً عن الخطاة، سافكاً دمه الكريم لفدائهم! نعم كما أننا نستمد حياتنا الطبيعية من موت آخر، هكذا أيضاً حياتنا الروحية، مع هذا الفارق وهو أن الحيوانات لاتموت باخيارها، وموتها لا دخل له بالكفارة، أما المسيح فقد مات باختياره، وكان موته كفارة عن الخطايا. لكن يظل المبدأ كما فى الحياة الطبيعية، كذلك فى الحياة الروحية وهو من موت آخر نحصل على الحياة. هذا يقودنا إلى النقطة الاخيرة فىموضوعنا أعنى بها : حتمية الكفارة وهى حتمية ثلاثية : أولاً : لرد مجد الله. ثانياً : لضمان بر الله. ثالثاً : لإِعلان محبة الله. أولا : حتمية الكفارة لرد مجد اللـه : إن الخطية نظراً لأنها ضد الله القدوس فإن قيمتها غير محدودة وتستحق بالتالى عقوبة عير محدودة لتوضيح ذلك : هب أن موظفاً صغيراً فى وزارة اعتدى على زميل له، فإنه ما لم يبادر بالاعتذار لزميله سينال الجزاء حتماً. أما إذا أعتدى نفس هذا الموظف الصغير على الوزير فإن الأمر لن ينتهى بالاعتذار، ولن يكفى توقيع جزاء عادى بل ستزداد درجة وشكل العقوبة لأن المُعتَدَى عليه أكبر. فإذا كانت الخطية موجهة ضد الله، كم تكون العقوبة؟! فى هذه الحالة لاتكون عقوبة عظيمة حيث لم تقع الخطية ضد مجرد شخص عظيم بل إنها عقوبة غير محدودة، لأنها وقعت على الله غير المحدود. طبعاً كان يمكن لله أن يطرح جميع البشر الخطاة فى جهنم أجرة لخطاياهم (وهو ما سيفعله فعلاً مع الذين لا يؤمنون بعمل ابنه لأجلهم). لكن هل طرح الخاطئ فى جهنم يعوض الله عن حقوقه المسلوبة ومجده الذى أهين؟ كلا، لأن إضافة المحدود إلى المحدود لا ينتج عنه سوى المحدود، وبقاء الإِنسان فى جهنم ملايين الملايين من السنين لا يمكن أن يفى الله حقوقه*. لأجل هذا جاء المسيح إلى العالم. ونظراً لأنه الله الظاهر فى الجسد، وبالتالى قيمته غير محدودة، فإنه استطاع بموته** أن يمجد الله أكثر كثيراً من الإِهانة التى وقعت على اعتبارات مجده بسبب خطايانا. هذا هو الهدف الأساسى من الكفارة، تمجيد الله. فلقد كان ينبغى أن يأتى تمجيد الله أولاً إذ أريد التكفير عن الخطايا. فحاجة المخلوق لا يمكن أن تكون أولى من مجد الله. ومجد الله ما كان يمكن أن يحصَّل لولا موت المسيح ! ثانيا : حتمية الكفارة لضمان بر اللـه : تساءل أيوب قديماً "كيف يتبرر الإِنسان عند الله؟" (أيوب 9 : 2) كان أيوب يعرف أن الله غفور رحيم لكن كان يعرف أيضاً أنه بار وعادل. فإذا كانت محبة الله ورحمته تريدان مسامحة الخاطئ، فإن عدله وبره يحتمان إدانة الخاطئ. وكأننا فى موقف قضاء فيه يطلب ممثل الإِدعاء توقيع أقصى العقوبة على مذنب استهان بالمبادئ السماوية وأخطأ ضد خالقه، وممثل الدفاع يطلب استعمال الرأفة مع المتهم المسكين ويطالب بالبراءة. لكن قضيتنا لم يكن فيها الإدعاء شخصاً والمحامى شخصاً آخراً، بل انهما ذات صفات الله الواحد، الله الرحيم والبار فى آن معاً، المحب لكن العادل فى نفس الوقت. إذاً فلقد كانت استقامة صفات الله تأبى مسامحة المذنب (الذى يريد الله أن يرحمه) إلا على أساس عادل لهذه المسامحة. فما العمل؟ لقد أستعلنت حكمة الله فى أسمى صورة إذ وجدت الحل. وكان الحل أن يموت المسيح نيابة عنا على الصليب وبذلك فإن عدل الله ليس فقط يوافق أو يسمح بتبرير المذنب بل انه يطالب بتبريره لأنه أستوفى حقوقه الكاملة من البديل والنائب، المسيح يسوع. الكفارة إذاً هى الأساس الوحيد الذى عليه أمكن لله القدوس أن يقترب من الإِنسان الخاطئ ليباركه. وبدونه ماكان ممكناً لبركات الله أن تمنح لجنس آدم الاثيم. وفى المسيح المصلوب إجتمع النقيضان معاً كقول المرنم فى المزمور: «الرحمة والحق التقيا، البر والسلام تلاثما» (مزمور 85 : 10). فكلا الرحمة والعدل أصبحا يطالبان بتبرير المذنب الذى آمن بالمسيح، من ثم جاء هذا الإعلان العظيم الذى هو خلاصة الإنجيل «متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذى بيسوع المسيح الذى قدمه الله كفارة، بالإيمان بدمه.. ليكون (الله) باراً ويبرر من هو من الإيمان بيسوع» (روميه 3 : 21 ـ 26). ثالثاً : حتمية الكفارة لاعلان محبة اللـه : عندما كنا نتحدث عن الخطية الأولى (تكوين 3) ذكرنا هذا الإفتراء الذى تضمن فى الأقوال السامة التى قالتها الحية : ـ الله غير صادق : فلقد قال لكما «يوم تأكلان منه تموتان، والحقيقة أنكما لن تموتا.» ـ الله غير عادل : إذ منعكما من التسلط على هذه الشجرة مع أنكما رأسا الخليقة. ـ الله غير محب : لو كان يحبكما لما حرمكما من التمتع بشىء ولسمح لكما أن تصيرا مثله. وعندما أكلت المرأة من الشجرة، وأعطت رجلها فأكل، كان معنى ذلك أنها قالت "آمين" على كل هذه الإفتراءات. وكانت هذه إهانة بالغة لله أمام كل الخليقة. كان بوسع الله من أول لحظة أن يثبت أنه صادق. فما كان أسهل أن يوقع حكم الموت على آدم وامرأته فى الحال فيتبرهن أمام الجميع أنه صادق. وإذ ذاك كانت الخليقة كلها ستعرف أيضاً أنه عادل وبار، لأن التعدى والمعصية نالا مجازاة عادلة. لكن السؤال الذى كان سيظل بدون إجابة إلى أبد الآبدين : هل الله محبة؟ لذا فقد سلك الرب مسلكاً آخر، وأجَّل الرد على افتراءات الشيطان نحو أربعة الآف سنة، واكتفى فى يومها أن يقدم الذبيحة فى الجنة. لكن الذى قدم الذبيحة الأولى فى الجنة، قدم نفسه كالذبيحة الحقيقية على الصليب! والذى صنع أقمصة الجلد للإنسان فى الجنة، صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا ! والذى ألبس الإنسان العارى بيديه الحانيتين فى الجنة، صار هو نفسه كساءنا وبرنا!! يقول الرسول يوحنا عن المسيح : «لأجل هذا أظهر ابن الله لكى ينقُض أعمال إبليس» (1يوحنا 3 : 8). ويقول الرسول بولس أيضاً : «أُظهر مرة عند إنقضاء الدهور ليبطل الخطية بذبيحة نفسه» (عبرانيين 9 : 26). وفى الصليب نحن لا نرى فقط كراهية الإنسان نحو الله، الأمر الذى تمثل فى صلبهم لابنه، معلقين إياه على خشبة، بل إننا نرى شيئاً آخر حدث كذلك عند الصليب، نرى دينونة الله العادلة على الخطية والخطايا. ولهذا فلقد أُغلقت السماء فى وجه ربنا يسوع، واكتنفته الظلمة الرهيبة، وضُرب بسيف العدل الإلهى، وصرخ «إلهى إلهى لماذا تركتنى» (متى 27 : 46). على الصليب لم يكن هناك أقل شعاع من شفقة الله الآب، إخترق تلك الظلمة الحالكة التى غمرت ذاك الذى لم يعرف خطية، حين جُعل خطية لإجلنا. هناك فى الصليب أثبت المسيح أن الشيطان كاذب. لقد قال الشيطان فى الجنة "لن تموتا" لكن عندما مات المسيح على الصليب أثبت صدق كلمة الله «أن أجرة الخطية هى موت» (رومية 6 : 23). وعلى الصليب أعلن المسيح بر الله وعدله فمع أن ابنه الحبيب القدوس هو الذى كان يحمل الخطايا، لكنه تحمل عنها الدينونة كاملة. وما أعجب نطقه الخالد على الصليب «قد أُكمل.» لكن الشيىء الآخر العظيم الذى أثبته الصليب والذى ما كان يمكن أن يظهر بدون الصليب هو أن الله محبة. فهل من إعلان عن المحبة نظير صليب المسيح؟! «الله بيَّن محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا» (رومية 5 : 8). «بهذا أُظهرت محبة الله فينا (أو تجاهنا) أن الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكى نحيا به. فى هذا هى المحبة ؛ ليس أننا نحن أحببنا الله، بل أنه هو أحبنا وأرسل ابنه كفارة لخطايانا» (1يوحنا 4 : 9، 10). «لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لايهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية» (يوحنا 3 : 16). نعم يالها من محبة رائعة أعلنها الله فى صليب ابنه يسوع المسيح!! لو صار حبراً كلُ يـــــــــــــموكلُ عشبة قلـــــــــــــــــــمما كتبوا، ما وصفـــــــــــــوافاقت سمتْ، فاضـت طمـــــتْ وورقاً كـــــلُ الفـــــلـكوالكُل فى النسخ اشــتركمحـــــــبةَ الحبيــــــــــــبمقدارُها عجيـــــــــــــب  هذه المحبة الإلهية العجيبة هى لك أنت أيها القارئ العزيز فهل تقبلها. اقبلها وانج من الهلاك. اقبلها واستمتع بالحياة الأبدية. اقبلها الآن قبل فوات الأوان «فكيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصاً هذا مقداره؟» (عبرانيين 2 : 3). * هى بالترتيب : اللاتينية ، والقبطية ، والحبشية ، والسريانية ، والغوطية ، والأرمينية ..... وقبل نهاية القرن السادس الميلادى كانت قد جاوزت الخمس عشرة لغةً * انظر الحاشية السابقة . * توُجد أجزاء من مخطوطات قمران الشهيرة محفوظة فى حالة جيدة يمكن لزائر متحف عمان ، عاصمة المملكة الأردنية ، أن يشاهدها. * لقد أصدر المفكر المسيحى المعروف ، الأخ عوض سمعان كتاباً فند فيه هذا الإنجيل المزيف تفنيداً كاملاً ، وأوفاه حقه . وعنوان الكتاب هو : إنجيل برنابا فى ضوء التاريخ والعقل والدين ** قال العقاد «تتكرر فى هذا (الإنجيل) أخطاء لا يجهلها اليهودى المطلع على كتب قومه ، ولا يرددها المسيحى المؤمن بالأناجيل المعتمدة ... ولا يتورط فيها المسلم الذى يفهم ما فى (إنجيل) برنابا من المناقضة بينه وبين نصوص القرآن» * أول من جعل اليوبيل كل مائة عام هو البابا بونيفاس الثامن عام 1300 م ، مما يجعلنا نفهم أن هذا الكتاب المزيف كتب بعد هذا التاريخ . ** لعله اقتبس هذا من أفكار دانتى الإيطالى فى كوميديته الإلهية ، التى لم يشرع دانتى فى كتابتها قبل عام 1306 م . مما يوحى أن هذا الكتاب كُتب بعد ذلك التاريخ . * من يريد التوسع فى هذا الموضوع يمكنه الرجوع إلى كتاب «وحى الكتاب المقدس» للمؤلف . * * إن الإكتشافات الأثرية الحديثة ـ بخلاف ما ادعاه بعض المتفلسفين (أصحاب نظرية النقد الأعلى) ـ تتطابق تماماً مع كل ما سجله الكتاب المقدس . ولضيق المقام نكتفى بذكر شهادة أحد الثقات ، وهو المكتشف الفرنسى الشهير "شامبليون" مكتشف حجر رشيد ، والذى إستطاع بواسطته أن يفك رموز = = الهيروغليفية، مما جعل قراءة كل التاريخ المصرى القديم ممكنة . لقد قال «إنه بالقراءة المدققة لتاريخ مصر القديمة ، فإننا لا نجد نقطة واحدة تتعارض فيها شهادة الأثار مع شهادة الكتاب المقدس ، بل إنها تؤيد الكتاب فى كل النقاط» * أنظر مثلاً تثنية 4: 39،32،39، إشعياء 45: 21، 46: 9، لوقا 18: 19، يوحنا 5: 44، رومية 3: 30 ، 1كورنثوس 8: 4،6، 12: 5،6 غلاطية 3: 20، أفسس 4: 5،6 ، يهوذا 25. * لاشك أن هذا التركيب لا يستقيم مع قواعد اللغة العبرية . لكن الله أوحى لموسى بهذا التركيب اللغوى غير المألوف ، ليلفت النظر من أول آية ألى هذه الحقيقة الجوهرية : وحدانية الجوهر وتعدد الأقانيم . ** توجد فى اللغة العبرية كلمتان تعبران عن الوحدة، كلمة "إخاد" وكلمة "ياخيد" . والكلمة الأخيرة تدل على الوحدة البسيطة . أما الكلمة واحد فى آيتنا هذه فهى "إخاد" التى لا تستعمل إلا على الوحدة المركبة مثل القول عنقود واحد من العنب ، أو قام الشعب قومة رجل واحد . وهى نفس الكلمة الواردة فى تكوين 2 : 24 «يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً» * أذَّكر القارىء بما يعلنه الكتاب المقدس بأن هناك دينونة رهيبة ستقع على من يتكلمون بالكلمات الصعبة على الرب يسوع (يهوذا 14 ، 15) . ولا تنس أن المسيح هو نفسه ديان الأحياء والأموات (أعمال 10 : 42) . * تعلن المسيحية أن : " الله روح " ( يوحنا 4 : 24 ) . والذين ينسبون فكرة التزاوج فى اللاهوت إلي المسيحية يُعّبرون إما عن جهلهم بما تقوله المسيحية ، أو عن خبثهم ، إذ مع معرفتهم بأن هذا بعيد كل البعد عن الإيمان المسيحي فإنهم يضللون غير الدارسين . ** إن منشأ هذا الخلط يرجع لكون الآباء هم السبب فى مجئ الأبناء ، وعليه فقد تصور البعض وجود فارق زمنى بين الاثنين . صحيح فى أشخاصهم هناك فارق زمنى . لكن من الناحية الأخرى لا يصبح الشخص أباً إلا من اللحظة التى يوجد فيها الابن . فبداية الأب والإبن واحدة . وفى اللاهوت لأن الآب كان منذ الأزل ، فبالضرورة يكون الابن منذ الأزل أيضاً . * من الأهمية بمكان ملاحظة أن الكتاب لم يذكر قط عن المسيح أنه "ولد" الله، حاشا. بل "ابن الله". والفارق واضح ، فقد يكون هناك والد مجرد من كل معانى الأبوة وقد يكون هناك شخص متمتع بكل معانى الأبوة دون أن يكون له أولاد مولودون منه. فالتوالد إذاً هو حالة جسدية، أما الأبوة فحالة روحية. ولا يوجد أى سند كتابى على أن المسيح مولود من الآب قبل كل الدهور، فالحقيقة أنه لم تحدث ولادة على الأطلاق (كما سيتضح فى الحاشية التالية). ** هذا التعبير ورد فى اليونانى "مونو جينس Monogenes" وهو مكون من مقطعين : الأول "مونوس" ويعنى وحيد . والثانى "جينوس" يعنى جنس أو جيل وكلمة "جينوس" يشار بها عادة إلى العلاقات العائلية: فتترجم عشيرة فى أعمال 4: 6، 7: 13، وتترجم ذرية فى أعمال 17: 28،29. كما تستخدم أيضاً للدلالة على الجنسية مثل مرقس 7: 26 «فى جنسها فينيقية» . وتترجم أيضاً جنس (متى 17: 21، أعمال 7: 19، 2كورنثوس 11: 26، غلاطية 1: 14) وتترجم كذلك نوع (متى 13: 47، 1كورنثوس 14: 10). = = وهذا المعني الاخير هو الذى نستنتجه من عبارتنا "مونو جينس " . فالمسيح وحيد من نوعه ، أو بالحرى فريد. وترد عبارة "مونو جينس" فى أماكن أخرى فى كلمة الله عن المولود الفريد الذى وحده يمثل العائلة، مثل اسحق (عبرانيين 11: 17 ) . ونحن نعلم أن اسحق لم يكن الابن الوحيد الذي ولد لإبراهيم، ومع ذلك فقد سمي كذلك لأن له علاقة فريدة وممتازة مع أبيه ابراهيم. * مرة أخرى نؤكد أن البنوة لا تعنى التبعية كما فكر البعض (اتباع ريفن)، بل المساواة . قال الرسول بولس «مع كونه ابناً تعلم الطاعة مما تألم به» (عب 5 : 8) . لم يقل الرسول "لكونه ابناً" ، بل مع كونه ابناً ** هناك آيات أخرى ترينا المعادلة بصورة واضحة ، ليرجع القارئ إليها إن أراد مزيداً من الفائدة (يوحنا 5 : 17 ، 14 : 21 ، 15 : 24 ، 16 : 15 ، 17 : 4 ، 5 ،10) . * هذا القول يُفهم منه بحسب الأصل اليونانى أن الأنبياء نقلوا إعلانات جزئية فقط عن الله، ولم يكن لأى منهم أن يقدم عنه إعلاناً كاملاً (انظر الترجمة التفسيرية للعهد الجديد) . * مثلاً فى أصحاح واحد فقط (يوحنا 1) يرد عن المسيح 12 إسماً ولقباً إلهياً هى: "الكلمة" ع 1 ، 14 "النورالحقيقى" ع 9 "الإبن الوحيد" ع 18 "الرب" ع 23 "يسوع" (أى يهوه المخلص) ع 29 "حمل الله" ع 29 ، 36 "الذى يعمد بالروح القدس" ع33 "إبن الله" ع 34 ، 49 "رابى"(أى المعلم) ع38 "المسيح" ع 41 "ملك إسرائيل" ع 49 "إبن الإنسان" ع 51 * أولاً : هكذا قال عنه الآب (7 مرات) انظر مثلاً 2بطرس 1 : 17 . وثانياً : هكذا شهد عنه الروح = = القدس (مرقس 1 :1) . وثالثاً : قال هو كذلك عن نفسه (يوحنا 9: 35؛ 10 :36)، ورابعاً: هذا ما ذكره عنه الملاك جبرائيل (لوقا 1: 32،35) . وخامساً: الشياطين عرفته كذلك (مرقس 5: 7). وسادساً: هو ما أقر به تلاميذه (متى 16:16 ، يوحنا 1: 34، 11: 27 ، ..) وسابعاً : هذا ما قاله أيضاً الغرباء (متى 27: 54). * أنظر كتاب "معجزات المسيح" للمؤلف . * الذى مات هو ناسوت المسيح، عندما استودع روحه الإنسانية، وهو على الصليب فى يدى الآب (لوقا 23: 46) . أما لاهوته، فحاشا أن نقول عنه أنه مات . ولهذا أمكنه أن يقيم نفسه، كقوله لليهود «أنقضوا هذا الهيكل، وفى ثلاثة أيام أنا أقيمه ... وأما هو فكان يقول عن هيكل جسده» (يوحنا 2: 19 ـ 22) . وقوله أيضاً «إنى أضع نفسى لآخذها أيضاً . ليس أحد يأخذها (أى نفسى) منى ، بل أضعها أنا من ذاتى . لى سلطان أن أضعها ولى سلطان أن آخذها ايضا»" (يوحنا 10: 17، 18) * كما قال أريوس فى القرن الرابع الميلادى فى البدعة التى تحمل إسمه . وكما يقول اليوم أصحاب البدع الحديثة كشهود يهوه والمورمون (انظر كتاب شهود يهوه. من هم.. والرد على ضلالاتهم ـ للمؤلف). * هذا القول الكريم قاله المسيح وهو ماض إلى الصليب والموت، وكان هو يعلم ذلك (يوحنا 13: 21، 36) ولكنه مع ذلك طلب من تلاميذه أن يجعلوه موضع إيمانهم لأنه هو مفتاح المصير الأبدى «الطريق والحق والحياة»! * هذا الدليل مع ما سبقه من أدلة أربعة ، هو الرد المفحم علي من ينكروا لاهوت المسيح من المدعين بأنهم شهود يهوه ، أنظر نبذه "شهود يهوه " والرد علي ضلالاتهم " للمؤلف . * هذا التعبير مقتبس من سفر اللاويين 13: 3 ، 20 ، 25 ، 30 عن ضربة البرص . هذا المرض اللعين الذي ليس له شفاء عند الناس . وهو صورة معبرة لضربة الخطية التي ليس لها عند الناس شفاء ، وهى عميقة ، ليست علي السطح فحسب ؛ تظهر فى كلمات أو نظرات ... الخ بل هى عميقة فى داخل قلب الإنسان ( إرميا 17 : 9 ، مرقس 7 : 20ـ23) . * لعله من المناسب أن نشير إلى هذه الملاحظة الهامة، وهى أن كل الشرائع السماوية قد حرمت أكل الدم . فقبل اليهودية جاء الأمر لنوح بعدم أكل الدم (تكوين 9). ثم تكرر بعد ذلك فى ناموس موسى (لاويين 17) ـ وحتى فى المسيحية، وهى عادة لا تعنى بالمسائل الطقسية، لأنها روحية، حرص الروح القدس أن ينبر على عدم جواز أكل الدم (أعمال 15 : 20). فلماذا هذا الاهتمام؟ ـ الإجابة «لأن الدم يكفر عن النفس» (لاويين 17 : 11). والكفارة لاتقدم إلا لله، وعليه فليس مصرحاً لنا بأكل الدم. ينبغى ويتحتم أن يُسفك . * هذا هو سر أبدية عذاب الأشرار فى جهنم. وحيث يتعذر عليهم إيفاء غير المحدود حقوقه غير المحدودة لأنهم هم محدودون، ولأن ملايين الملايين من السنين هى فى النهاية محدودة. فسيتعين عليهم أبدية بلا حدود يقضونها فى العذاب . ** نؤكد هنا ما سبق أن ذكرناه فى الحديث عن أدلة لاهوت المسيح، أن ناسوت المسيح (وليس لاهوته) هو الذى مات. لكن لاحظ أن لاهوت المسيح لم يفارق ناسوته فى أية لحظة، حتى وهو على الصليب. لقد عبر واحد عن هذه الحقيقة بالقول "الله لم يمت، ولو أن الذى مات على الصليب كان هو الله".  ________________________ PAGE8 PAGE9 "vr‏#bqہ‏‏¸نSُ€€أ:èUU€FDuDآWoژ http://www-acaps.cs.mcgill.ca/~shereen/religion/abible/3fact.doc 3 facts of Christian truth ٌ34¦§  !"<=WXjk­®èé+,noظعôُِ'(:;UVxy›œ®¯ءآفقيî)*ef©ھ¯°‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8°} ~ ڈ گ I J ¾ ؟ l m ™ ڑ يîِ÷fghqr€ٹ‹•–،¢¯°ءآIJUVىي&'½¾µ¶ƒ„GHىي‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8ê뮯op> ? c d ‹ Œ T"U"†"‡"؟"ہ"‏"ے"=#>#U#V#?%@%^%_%”'•'5(6(ك(à())ْ)û)** +،+q,r,—,ک,©,ھ,¼,½,--F-‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8F-G-ژ-ڈ-د-ذ-¶.·.W0X0ك1à1ت2ث2?4@4_4`4g6h6u7v7َ7ô7²8³8ٍ8َ8ô8H9I9U9V9t9u9: :ء:آ:;;2<3<D=E=‌=‍=¾>؟>8?9?€@پ@AAA€A‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8€A_B`BéBêBCCxCyCڈCگCدDذD‌F‍F4G5GNGOGêGëGٹI‹IحIخIHJIJ¥K¦KtMuMٹN‹N×NطNَNôNtQuQwSxS4T5T'U(UVVNWOWyWzW¢W£WصWضWXX‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8XSXTXYYYY(Z)ZظZعZ[[[[R[S[•[–[ض[×[\\[\\\t\u\¶\·\ù\ْ\:];]v]w]¸]¹]3^4^¸^¹^‍_ں_{`|`ؤ`إ`ـ`ف`VaWaحaخa.b/bىbيb‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8يbcc}c~ceeQfRfofpfhhi iNiOi`iaiùiْijjشjصjّjùj‰lٹlœl‌lلmâmnn4p5pMrNrrrsr¯r°r0s1sثsجs&t'tvv8w9w+x,x7x8x‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]88xڑx›x y y’y“yzzRzSzëzىzG{H{é{ê{ّ{ù{||d|e|o|p|“|”|~~ô~ُ~U€V€°پ±پ£‚¤‚±‚²‚ƒƒ9ƒ:ƒrƒsƒ‰ƒٹƒءƒآƒ„„„ „A…B…‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8B…f†g†â†م† ‰ ‰.‰/‰@‰A‰’‹“‹£‹¤‹چچPژQژڈڈگ گ4گ5گ‚گƒگ‘‘´‘µ‘ذ‘ر‘’’’‘“’“%”&”‚”ƒ”د”ذ”œ•‌•¯•°•¢–£–ہ–ء–ç–è–——Aک‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8AکBکF™G™ ڑڑ¸ڑ¹ڑv›w›’œ“œ²‌³‌„‍…‍KںLںذںرںب ة ك à ؤ¢إ¢ر¢ز¢V£W£ه£و£8¤9¤‰¤ٹ¤ü¤‎¤V¥W¥«¥¬¥ٌ¥ٍ¥…¦†¦ç¦è¦>§?§،§¢§ِ§÷§x¨y¨™¨‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8™¨ڑ¨Z©[©««^«_«j¬k¬­­t­u­م­ن­f®g®م®ن® ¯ ¯\¯]¯°°±±A±B±ہ³ء³/´0´†¶‡¶ · ·™¸ڑ¸ء¹آ¹أ؛ؤ؛ے»¼¼¼X½Y½¾¾*؟+؟«ہ¬ہرہ‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8رہزہءء¨ء©ءجآحآ=أ>أgؤhؤéؤêؤüؤ‎ؤئئ:ئ;ئdئeئ§ا¨اsةtة›تœتثثQثRث¾ث؟ثحح%خ&خ4د5دiدjدھد«دـدفدذذBذCذ¢ذ£ذإذئذررر‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8ررQرRرآرأرزز-ز.زeزfز‚زƒزازبزِز÷زسسسسAسBس;ش<شbشcش ص ص`ضaضlضmضغضـض××3×4×Y×Z×z×{×­×®×è×é× ط طططWطXطبطةط1ظ‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]81ظ2ظجظحظHعIعءعآعêعëعشغصغèغéغLـMـ ـ،ـëـىـ,ف-فtفuف¶ف·ف#ق$ق‰قٹقœق‌قّقùقVكWكbكcكjàkàھà«àûàüà ل ل‰لٹلـلفلقلââmânâ¢م£م‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8£مفمقمن€ن5ه6هŒهچه@وAوZç[ç~ççاçبçطçظçطèظèZé[é£é¤éئéاéلéâéêê2ê3ê]ê^ê•ê–êçêèêىى'ى(ىييذيريwîxî3ï4ïyïzï–ï—ïxًyً‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8yًuٌvٌ3ٍ4ٍََ¾َ؟َhôiôُُ(ُ)ُ÷ ÷çّèّزùسùNْOْ„û…û»ü¼üˆ‎‰‎3‏4‏V‏W‏¾‏؟‏ہ‏ل‏â‏ےےےےےے%ے&ےœے‌ے¬ے­ے®ے§¨‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8GH¬­Z[yzةتop²³¤¥STYZµ¶  E F R S ى ي " # Y Z ؤ إ p q ق ك · ¸ EF&'xy./BC‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8C"#َôàل01_`Z[~ک™ھ«†‡}~ DEno)*إئظع”•`aٍَص ض ï ً ر!ز!ؤ"إ"##q#r#‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8r#»#¼#$$b$c$p%q%ط'ظ'((((G(H(ه(و(H)I)ج)ح)’*“*×*ط*++ھ+«+q-r-9.:.ا.ب.O/P/·/¸/00Œ0چ0‌0‍0ٹ1‹12233P3Q3ي3î3‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8î3%4&455أ6ؤ6…7†7½8¾8„9…9â9م9ِ<÷<G=H=k=l=®=¯=°=±=ف=ق=>>;><>=>>>ص>ض>?€?–?—?zA{AّAùAشDصDFF3F4FAFBFTFUFjFkF‚FƒF‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8ƒFںF FؤFإF G!G0H1HâHمH1J2JإKئKىKيK‹NŒNrOsO P P•Q–QءQآQ/R0RپR‚RخRدR!S"S²S³SطTظTTUUU¢U£UèUéU7V8V”V•VبXةXZZ¦Z§ZٌZٍZ‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8ٍZ؛[»[-\.\l\m\و\ç\S]T]U]V]/^0^1^ث^ج^ن^ه^[_\_ ` `è`é`jakabbZb[bjckcJdKdçdèd¨e©e g gرgزgإhئh jj®k¯k4l5ltmumعmغmخn‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8خnدn—oکo3p4pقpكp+q,qoqpqµq¶qrr?r@rؤsإsésês u،uZv[v w!wؤwإwْxûxقzكzµ{¶{ء|آ|أ|ؤ|إ|ئ|ق|ك|à|è|é|ê|ٍ|َ|ô|ُ|ِ|-}.}/}o}‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½»¹·µ³±¯­«©§¥£،ں‌›™—•“‘ڈ]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]]8o}p}q}‹}Œ}‎ûù÷]]]]ٌ4§ "=Xk®é,oعُِ(;Vyœ¯آقî*fھ°~ گ J ؟ ‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½!؟ m ڑ î÷ghr€‹–¢°آJVي'¾¶„Hيë¯p? d Œ U"‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½!U"‡"ہ"ے">#V#@%_%•'6(à()û)*،+r,ک,ھ,½,-G-ڈ-ذ-·.X0à1ث2@4`4h6v7ô7³8َ8‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½!َ8ô8I9V9u9 :آ:;3<E=‍=؟>9?پ@A€A`BêBCyCگCذD‍F5GOGëG‹IخIIJ¦KuM‹NطNôN‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½!ôNuQxS5T(UVOWzW£WضWXTXYY)ZعZ[[S[–[×[\\\u\·\ْ\;]w]¹]4^¹^ں_|`إ`‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½!إ`ف`Waخa/bيbc~ceRfpfh iOiaiْijصjùjٹl‌lâmn5pNrsr°r1sجs'tv9w,x8x‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½!8x›x y“yzSzىzH{ê{ù{|e|p|”|~ُ~V€±پ¤‚²‚ƒ:ƒsƒٹƒآƒ„ „B…g†م† ‰/‰A‰‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½!A‰“‹¤‹چQژڈ گ5گƒگ‘µ‘ر‘’’’“&”ƒ”ذ”‌•°•£–ء–è–—BکG™ڑ¹ڑw›“œ³‌…‍Lںرں‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½!رںة à إ¢ز¢W£و£9¤ٹ¤‎¤W¥¬¥ٍ¥†¦è¦?§¢§÷§y¨ڑ¨[©«_«k¬­u­ن­g®ن® ¯]¯°±B±‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½!B±ء³0´‡¶ ·ڑ¸آ¹ؤ؛¼¼Y½¾+؟¬ہزہء©ءحآ>أhؤêؤ‎ؤئ;ئeئ¨اtةœتثRث؟ثح&خ5د‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½!5دjد«دفدذCذ£ذئذررRرأرز.زfزƒزبز÷زسسBس<شcش صaضmضـض×4×Z×{×®×é× ط‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½! ططXطةط2ظحظIعآعëعصغéغMـ،ـىـ-فuف·ف$قٹق‌قùقWكcكkà«àüà لٹلفلقلânâ£مقم‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½!قم€ن6هچهAو[ççبçظçظè[é¤éاéâéê3ê^ê–êèêى(ىيريxî4ïzï—ïyًvٌ4ٍَ؟َiôُ‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½!ُ)ُ ÷èّسùOْ…û¼ü‰‎4‏W‏؟‏ہ‏â‏ےےے&ے‌ے­ے®ے¨H­[zتp³¥T‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½!TZ¶ F S ي # Z إ q ك ¸ F'y/C#ôل1`[™«‡~E‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½!Eo*ئع•aَض ً ز!إ"#r#¼#$c$q%ظ'((H(و(I)ح)“*ط*+«+r-:.ب.P/¸/‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½!¸/0چ0‍0‹123Q3î3&45ؤ6†7¾8…9م9÷<H=l=¯=±=ق=><>>>ض>€?—?{AùAصDF4FBF‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½!BFUFkFƒF FإF!G1HمH2JئKيKŒNsO P–QآQ0R‚RدR"S³SظTUU£UéU8V•VةXZ§ZٍZ»[.\‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½!.\m\ç\T]V]0^1^ج^ه^\_ `é`kab[bkcKdèd©e gزgئhj¯k5lumغmدnکo4pكp,qpq¶q‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاإأء؟½!¶qr@rإsês،u[v!wإwûxكz¶{آ|أ|إ|ئ|ك|à|é|ê|َ|ô|ُ|ِ|.}/}p}q}Œ}‎ûù÷ٌَُïيëéçهملكفغظ×صسردحثةاٌŒ}؟ٌŒ}×›zےےےےےےےے7سK@ٌےNormala "A@ٍے،"Default Paragraph Fontذے@‏ے ےےےے ہFMicrosoft Word 6.0 Document MSWordDocô9²q